عائشة -رضوان الله تبارك وتعالى عليها- كانت تلبس بنات أخيها الحلي، ومع ذلك لا تخرج عن هذا الحلي زكاة، وهذا دليل على أن الزكاة ليست بواجبة في الحلي المباح؛ إذ أنها لو كانت واجبة لما غاب ذلك عن السيدة عائشة -رضوان الله تبارك وتعالى عليها- ولا أخرجت الزكاة عن هذا الحلي الذي كانت تلبسه بنات أخيه.
استدلوا أيضا بما رواه مالك، عن نافع: "أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب -يعني يلبسهم الذهب- ثم لا يخرج من حليهن الزكاة" وهذا عبد الله بن عمر هو أعلم بالشريعة ولذلك لو كان هناك زكاة في هذا الحلي الذي كان يُلبسه بناته لأخرج الزكاة. وأيضا استدلوا بما روه أبو عبيد عن ابن عمر أنه كان يزوّج المرأة من بناته على عشرة آلاف، فيجعل حليها من ذلك أربعة آلاف، فكانوا لا يعطون عنه الزكاة.
وأيضا استدلوا بما روي أن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- كانت تحلي بناتها الذهب والفضة، ولا تزكيه نحوًا من خمسين ألفا. وأيضا بما روي عن جابر وأنس -رضي الله عنهما- أنهما سئلا عن الحلي: أفيه زكاة؟ فقال: لا. وأيضًا استدلوا بما رواه أبو عبيد عن القسام بن محمد أنه سئل عن صدقة الحُلي، فقال: "ما رأيت أحدًا يفعله، وقد سألت عمتي أي عائشة -رضي الله عنها- فقالت: ما رأيت أحدًا يفعله، وقد كان لي عقد فيه ثنتا عشرة مائة فما كنت أصدقه". يعني ما كنت أخرج زكاته.
إذن كل هذه الآثار يعني هم استدلوا بالآثار، واستدلوا بالأحاديث، كل هذه الآثار التي ذكروها عن الصحابة -رضوان الله تبارك وتعالى عليهم- تدل على أن الزكاة ليست بواجبة في الحلي المباح إذ لو كانت واجبة ما تخلف صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم أعلم الناس بأحكام الشريعة، أقول: ما تخلفوا عن إخراج هذه الزكاة، ولذلك بعد ذكر المذاهب وأدلتها في زكاة الحلي يتضح لنا تعارضها بعد الاعتراضات والمآخذ التي