فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله؟ قال: أتؤدينَ زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبك من النار)) يعني كأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحذر السيدة عائشة -رضوان الله تبارك وتعالى عليها- من أنها إذا لم تؤدي الزكاة فقد عرضت نفسها لنار جنهم والعياذ بالله، وهذا إن دل فإنما يدل على أن الزكاة إنما تجب فيه، وهذا أيضا يدل على أن الزكاة تجب في الحلي المباح.
ومن الآثار التي استدل بها من قال بالوجوب ما روي عن عمر -رضي الله عنه- في خلافته: أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- يقول: "إن من مرَّ من قِبَلِك من نساء المسلمين أن يزكين حليهن، ولا يجعلن الإعارة بينهم تعاوضًا" وهذا واضح أيضًا وصريح في أن الخليفة عمر بن الخطاب -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- أمر أبا موسى الأشعري بأن يأخذ من نساء المسلمين الذين يمرون عليه زكاة الحلي التي يلبسونها، وهذا دليل الوجوب.
ومنها قول عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لا بأس بلبس الحلي إذا أعطيت زكاته" وممن روي عنهم من التابعين القول بالوجوب: النخعي، وطاوس، ومجاهد، وعطاء، وجابر بن زيد، وابن سيرين، والحسن البصري، وغيرهم. هذه هي أدلة الذين قالوا بأن الزكاة تجب في الحلي المباح.
نأتي الآن إلى أدلة من قال بأنه لا زكاة في الحلي المباح، استدل أصحاب هذا المذهب وهم أهل المدينة، ومالك ومن وافقهم بحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ليس في الحلي زكاة)) وهذا نص في الموضوع، وأن هذا الحلي المباح لا زكاة فيه، كما استدل أصحاب هذا المذهب بما رواه مالك -رحمه الله- في (الموطأ) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: "أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تحلي بنات أخيها، وكان يتامى في حجرها، كانت تحلي لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة" أيضا من الأدلة التي استدلوا بها أن السيدة