نصاب النقود مائتي درهم، نقول: هناك تفاوت إذن في القيمة، لكن لا يوجد ما يوجب تساوي النصاب أو قيمته في كل الأشياء.
ولعل الحكمة في تقليل النصاب وهو الحد الأدنى للغنى بالنسبة للنقود أنها في أكثر أحوالها ثمرة ونماء لموارد أخرى، وإن كانت هي ذاتها صالحة لأن تكون طريقًا لموارد وراءها، أما الغنم فإنها ذاتها هي المورد وفيها النماء، وعروض التجارة فيها نماء أوضح من نماء النعم.
ونكتفي بهذا القدر من المحاضرة، ونكمل -إن شاء الله- في المحاضرة القادمة، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
4 - الزكاة في النقدين والحلي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد تحدثنا في المحاضرة السابقة عن الزكاة في الحيوان، ونقصد به الإبل والبقر والغنم، وبينّا نصاب الزكاة في كل نوع منها، ومقدار ما يخرج من هذا النصاب، وما زلنا نتحدث عن الزكاة في الحيوان، فنقول: كان هناك ثمة تفاوت من حيث القيمة بين نصاب الغنم ونصاب النقود، فقد تبين لنا أن نصاب الغنم بعدما بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قيمة الشاة هي عشرة دراهم، أصبح قيمة النصاب من الغنم وهي أربعون تساوي أربعمائة درهم، هذا نصاب الغنم.
أما نصاب النقود فقلنا بالفضة مائتي درهم، إذن نصاب الغنم أكبر من نصاب النقود، نصاب الغنم أربعمائة درهم، ونصاب النقود إنما هو مائة درهم، وهنا يُثار التساؤل: لماذا هذه التفرقة؟ نقول: لا يوجد ما يوجِب تساوي النصاب أو قيمته في كل الأشياء، ولعل الحكمة في تقليل النصاب وهو الحد الأدنى للغنى بالنسبة للنقود أنها في أكثر أحوالها ثمرة ونماء لموارد أخرى، وإن كانت هي ذاتها صالحة لأن تكون طريقًا لموارد وراءها.
أما النعم فإنها ذاتها هي المورد وفيها النماء، وعروض التجارة فيها نماء أوضح من نماء النعم، ومن نماء النعم ما يدخل في الحاجات الأصلية كلبنها وبعض لحومها، ولذلك كان النصاب فيها أكبر من غيرها، أي الصنف من النقود، وكان ما بين الحدود في المقادير موضع عفو.
خلاصة القول في هذا التفرقة بين نصاب النقود ونصاب الغنم على سبيل المثال أن النعم هذه ومنها الغنم هي نماء يدخل في الحاجات الأصلية كأن الإنسان في حاجة إلى بعض منافعها، ولذلك روعي أو رعيت حالة المكلف في هذه الحالة، لكن النقود الحقيقة هي نماء لموارد أخرى، ولذلك ليس هناك ما يمنع أن تفرض عليها الزكاة عند مائتي درهم.
وحولان الحول شرط لوجوب زكاة النعم كما قلنا، فإذا حال الحول وقد نقص النصاب فإن الزكاة لا تجب، بمعنى أن الإنسان لو امتلك في أول السنة أربعين من الغنم، نقول اكتمل النصاب، هل يجب عليه أن يخرج الزكاة الآن عندما ملك الأربعين من الغنم أي النصاب؟ نقول: لا، بل لابد من مرور حول كامل على ملكه لهذا النصاب، فإذا لم يمر هذا الحول الكامل، وبعد ستة أشهر على سبيل المثال من ملكه لهذا النصاب لم يوجد أو قل هذا النصاب واستمر قليلًا إلى نهاية العام، هل تؤخذ منه زكاة؟ لا تأخذ منه زكاة؛ لأن الشرط أن يمتلك النصاب، وأن يحول الحول على ملكه لهذا النصاب، فإذا حال الحول وقد نقص النصاب فإن الزكاة لا تجب، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول)).