ملكاه فوجبت الزكاة في مالهما، أيضًا هذا نوع من القياس، أي: أنه كما يجب عليهما نفقة الأقارب فكذلك -ونفقة الأقارب إنما هي مواساة- تجب عليهم الزكاة؛ لأن الزكاة إنما هي أيضًا مواساة للفقراء.
وقالوا أيضًا: إن مقصود الزكاة سد خُلة الفقراء من مال الأغنياء؛ شكرًا لله تعالى، وتطهيرًا للمال، ومال الصبي والمجنون قابل لأداء النفقات والغرامات، فلا يضيق عن الزكاة، يعني: ما دام الغرض من الزكاة هو سد خلة الفقراء والمحتاجين، والوقوف بجانبهم من مال الأغنياء، فهذا يشترك فيه الصبي وغير الصبي، والمجنون وغير المجنون؛ ولذلك تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون.
وأصحاب الرأي الثاني -وهم جمهور الفقهاء الذين يقولون بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون- لم يكتفوا بهذه الأدلة التي جاءوا بها من الكتاب ومن السنة تدل على ما ذهبوا إليه؛ بل إنهم أيضًا ردوا على الأدلة التي استدل بها أصحاب الرأي الأول الذين يقولون بعدم وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون.
فبالنسبة للآية وهو قول الله -تبارك وتعالى-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التوبة: من الآية: 103) التي استدل بها أصحاب الرأي الأول القائلون بعدم وجوب الزكاة على الصبي والمجنون، فهم يقولون: إن التطهر ليس خاصًّا بإزالة الذنوب بل يشمل تربية الخُلق، وتنمية النفس على الفضائل، وتدريبها على المعونة والرحمة، كما يشمل تطهير المال أيضًا.
إذن: هذه الآية إنما هي عامة، ليست قاصرة على التطهير من الذنوب، كما قال بذلك أصحاب الرأي الأول، وإنما هي معنى واسع أيضًا، تشمل تطهير