ومن الأدلة أيضًا التي استدل بها القائلون على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون: ما صح عن الصحابة من القول بوجوب الزكاة في مال اليتيم والمجنون، فقد صح ذلك عن عمر، وعبد الله بن عمر، وعائشة- رضي الله عنها- وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم أجمعين- ولا يعرف لهم مخالف إلا بعض الروايات التي لا يحتج بها، ينظر في ذلك (المحلى) لابن حزم الجزء الخامس صـ302 وما بعدها.
واستدلوا أيضًا بالقياس فقالوا: إن كل من وجب العشر في زرعه وجبت الزكاة في سائر أمواله كالبالغ العاقل، فإن أبا حنيفة وافقنا على إيجاب العشر في مال الصبي والمجنون، إذا كان زروع وثمار، وإيجاب زكاة الفطر في مالهما، وإذا ثبت وجوب ذلك في مالهما فكذلك تجب الزكاة في سائر أموالهما؛ أي: أن أصحاب هذا الرأي -وهم جمهور الفقهاء الذين يقولون بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون- يقيسون على ما قاله أبو حنيفة من أن: الزكاة لا تجب على الصبي إلا في الزروع والثمار المملوكة لهم، فهم يقولون أو جمهور الفقهاء يقولون: نحن نقيس على الزروع والثمار، فكما أن الزكاة تجب على زروع وثمار الصبي والمجنون، تجب أيضًا الزكاة في بقية الأموال بجامع أن هذه كلها أموال مملوكة للصبي.
ومما يعتمد عليه الجمهور هو الغرض الذي من أجله شرعت الزكاة، حيث قالوا: إن الزكاة تراد لثواب المزكي، ومواساة الفقير، أي: أن الغرض منها: مواساة الفقير، والثواب الذي يكون للمزكي، والصبي والمجنون من أهل الثواب، وأيضًا من أهل المواساة؛ ولذلك يجب عليهما نفقة الأقارب، ويُعتق عليهما الأب إذا