الأمويين، الذين أراد أن يأخذ منهم هذه الأموال التي أخذوها بدون وجه حق، ويردها إلى أصحابها، لم يخف منهم في يوم من الأيام، قال: اليوم الذي أخاف منه فعلًا إنما هو يوم القيامة؛ أما إذا خفت من يوم آخر غير يوم القيامة فأنا لا حق لي في ذلك.
واستطاع أن يحفظ للدولة بذلك موردًا هامًّا سبق أن ضاع منها؛ لأن الصوافي -كانت طبقًا للنظام المالي- تدفع الخراج.
أما في يد بني أمية فكانت لا تدفع إلا العشر فقط، يعني: أرض الصوافي هذه الأصل فيها أنه يًفرض عليها الخراج، لكن في أيام بني أمية لم يفرضوا عليها الخراج، وإنما لم يدفعوا عليها إلا العشر فقط.
هذا ما حاول سيدنا عمر بن عبد العزيز أن يتفاداه، ونجح في ذلك.
وأظهر الخليفة أيضًا إزاء مشاكل التطور المالي قدرة هائلة في حلها، ساعدته عليها سعة علمه بشئون الدين، وحرصه على احترام المبادئ الإسلامية، وكان أخطر تلك المشاكل كثرة دخول أهل الذمة في الولايات في الدين الإسلامي، مما ترتب عليه طبقًا للتشريع الإسلامي إسقاط الجزية عنهم، ونقص هائل بالتالي في موارد الدولة، هذه بعض المشكلات التي قد يراها البعض مشكلة، فموارد الدولة كانت تأتي من الخراج، وكانت تأتي من الجزية، لكن الجزية إنما كانت توضع على غير المسلمين، فإذا أسلم غير المسلم فتسقط عنه الجزية حينئذٍ، ومعنى إسقاط الجزية عنه أن هذا المورد الذي كان يأتي منه المال للدولة الإسلامية -وهو الجزية- قد يقل كثيرًا عما كان عليه.
أقول هذه مشكلة من المشاكل التي قابلت الخليفة عمر بن العزيز، واستطاع عمر بن عبد العزيز أن يحل هذه المفارقة حلًّا يحفظ للنظام المالي مقوماته؛ وللمبادئ الإسلامية قدسيتها في نفس الوقت.
والسلام عليكم، ورحمة الله وبركاته.