الأوضاع قد تتغير، وأن الوالي صاحب الحق في تعديل ما على الفرد من جزية حسب مقتضيات تلك الأوضاع.

وكان لأبناء مصر قدر كبير من الحرية والمساهمة في الإدارة المالية لبلدهم, وذلك بما يحقق لهم العدالة، والتخلص من مساوئ الاستغلال الذي سبق أن عانوا منه الكثير زمن الروم.

وصار التنظيم المالي في مصر على هدي مراعاة مصالح البلاد وأهلها, وأنه لم يرسل إلى الخلافة في المدينة الخراج المطلوب إلا بعد اقتطاع ما تحتاج إليه البلاد من حفر خلجانها، وإقامة جسورها، وبناء قناطرها ... وغير ذلك من الأمور التي تحتاجها الدولة, ثم إن الخراج لم يرسله عمرو بن العاص أيضًا إلا بعد أن يفرغ الناس من الزراعة وعصر كرومهم.

إن هذا الذي فعله عمر بن الخطاب إنما هو تقرير جديد وتنظيم جديد للسياسة المالية الإسلامية بالنسبة للبلاد التي افتتحها المسلمون, ولو نظرنا إلى الكتب التي تتحدث عن الإدارة في ظل العصر الإسلامي الأول, نجد أن هناك كتابًا يسمى الإدارة الإسلامية في عز العرب تأليف محمد كردي علي, جاء في هذا الكتاب في صفحة 43 قول عمر بن الخطاب: "ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني؛ فإن الله جعلني له خازنًا وقاسمًا" وكتب عمر الناس على قبائلهم أي: أحصاهم, ففرض الفروض وأعطى العطايا على السابقة, أي السابقة في الإسلام, بدأ بالأقرب فالأقرب من الرسول, وفرض لأهل بدر ولمن بعدهم إلى الحديبية وبيعة رضوان, ثم لمن بعدهم, ولأهل القادسية واليرموك وأعطى نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم, ورزق الصبيان والأئمة والمؤذنين والمعلمين والقضاة, وحلف على أيمان ثلاث, فقال: "والله ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015