من الآداب: أنه عند النظر في المرآة ينبغي قول: (اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي) وفي زيادة: (وحرم وجهي على النار)، وهذا الدعاء من الأدعية المسبقة وليس من الأدعية الموظفة، إذ أنه غير مرتبط بوظيفة المرآة، فمن الممكن أن يقوله الإنسان إذا نظر إلى المرأة، أو قد يقوله في أي وقت آخر؛ لأنه ينبغي له في أي وقت أن يدعو الله تبارك وتعالى بهذا الدعاء، حيث أنه دعاء مطلق كسائر الأدعية، وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله، وذكر أنه يقال مطلقاً دون قيد النظر في المرآة، وأما الزيادة: (وحرَّم وجهي على النار) فهي ضعيفة.
ولا ينبغي النظر في المرآة كما يفعل ذلك أصحاب رياضة النيوزا، لكن يكون النظر في المرآة بقصد تحسين الهيئة، كإصلاح الشعر أو اللحية أو نحو ذلك، ويستحب تسريح الشعر وترجيله وإكرامه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أبي داود: وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان له شعر فليكرمه)، سواء في ذلك شعر اللحية أم شعر الرأس.
وجاء عن عطاء بن يسار حديث مرسل، وهو مشتهر على ألسنة الناس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار صلى الله عليه وسلم بيده كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته، ففعل ثم رجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم وهو ثائر الرأس كأنه شيطان) رواه الإمام مالك في الموطأ مرسلاً؛ لأن عطاء بن يسار من التابعين، فهو بهذا الإسناد ضعيف، لكن قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى: جاء موصولاً بمعناه عن جابر وغيره.
ونص الحديث الذي جاء بنفس المعنى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره، فقال: أما كان هذا يجد ما يسكّن به شعره.
ورأى رجلاً عليه ثياب وسخة فقال: أما كان هذا يجد ماء يغسل ثوبه)، قال الإمام النووي: رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وعن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا -أراه قال:- أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود.
قال الراوي الذي سمع من سعيد بن المسيب: فذكرت ذلك لـ مهاجر بن مسمار، فقال: حدثنيه عامر بن سعد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قال: (نظفوا أفنيتكم) أخرجه الترمذي وقال: غريب.
وحسّنه الألباني بشواهده.
والشاهد فيه قوله: (نظيف يحب النظافة)، فإكرام الشعر يكون بالتسريح أو بصونه من الوسخ والقذر، فعلى الإنسان أن يتعاهد شعره بالتنظيف والإدّهان بالزيوت، وأحياناً يعبّر بالدهن عن الطيب، لكن ينبغي أن نتذكر أدباً مهماً، وهو أن الإنسان لا ينبغي له أن يواظب على دهن شعر رأسه وتسريحه حتى يكون شغله الشاغل، أو يكثر ويبالغ في ذلك، (فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإرفاه، قيل: وما الإرفاه؟ قال: كثرة التدهن والتنعم) والإرفاه أيضاً كما في الحديث الآخر: (هو الترجل كل يوم) وفي الحديث الآخر: (نهى صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غِبّاً)، وأصل الغبّ في اللغة كما في الحديث: (زر غباً تزدد حباً) أي: أن الإنسان لا ينبغي له أن يواظب كل يوم أو كل وقت على زيارة إخوانه، بل يغيب ثم يزور، وكذلك هنا: (نهى عن الترجل إلا غباً) يعني: أن يفعل يوماً ويترك يوماً، لكن قال العلماء: ليس المراد خصوصية الفعل يوماً والترك يوماً، وإنما المقصود: أن الإنسان لا يواظب على ذلك بحيث يكون شغله الشاغل ووظيفته الدائمة.