يعملوا به، وقصده من ذلك أنَّ له سوابق في مخالفة الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وردَّ أحاديثه، فإذا ردَّ على حديث أو لم يعمل به ردَّ الباحث أحاديث المعاملات ولم يعمل بها. وقد ذكر الباحث ثلاث حوادث.

الحادثة الأولى: ذكر صفحة «48» قول عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: «لو علم الرسول ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل» (?)، يستدل به على مخالفة عائشة لقول رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ إِذَا اسْتَأْذَتَّكُمْ» (?).

وتحقيق المسألة أنَّ خروج النساء إلى المساجد لم يكن واجباً في وقت من الأوقات، وإنما أذن لهُنَّ ورخَّص لهُنَّ فيه على أنه خلاف الأولى، فقد جاءت إحدى الصحابيات تقول لرسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إني أحب الصلاة معك. قال: «قَدْ عَلِمْتُ: وَصَلاَتُكِ فِى حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلاَتِكِ فِى دَارِكِ، وَصَلاَتُكِ فِى دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِى مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلاَتُكِ فِى مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِى مَسْجِدِ الجَمَاعَةِ» (?).

ثم إنَّ الترخيص لهُنَّ كان مشروطاً بشروط أهمها: أنْ يخرُجْنَ تفلات غير متزيِّنات وغير متطيِّبات وأنْ يكون هناك أمن من الفتنة منهُنَّ وعليهِنَّ، فكان الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ائْذَنُوا لَهُنَّ» إذا التزمن بالشروط وامنعوهُنَّ إذا لم يلتزمن، فلو أنَّ عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - منعت غير الملتزمات لكانت مطبقة للحديث منفِّذة له، وليست مخالفة له، ومع ذلك لم تمنع عائشة خروج النساء، وما زال حُكم خروج النساء إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015