يخرج - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويقول: «أَيْنَ الْمُتَأَلِّى عَلَى اللَّهِ ألاَّ يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ؟». فيقول الدائن: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فَلَهُ أَىُّ ذَلِكَ أَحَبَّ (?).
طاعة رائعة في المعاملات لمجرد الإشارة، لم يقل الدائن: حقي أتمسَّك به، ولم يرفض عرض التسامح، ولو أنه فعل - كما فعل أبو لبابة في الواقعة الآتية - لم يكن آثماً، وإنما استحباب للتنازل عن الحق للغير طلباً للأجر عند الله الذي وعد به رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
نعم كان بعض المسلمين يتمسك بحقه، فليس كل الناس يرقى، ولكنهم كانوا لا يظلمون، وهذا هو الحد الأدنى في المعاملات، ولئن وجد بعض المتمسِّكين بحقوقهم فإنه يوجد بجوارهم من يؤثر ويُضَحِّي ويشتري الآخرة بالأولى.
تخاصم يتيم وأبو لبابة في نخلة، ولم يكن مع اليتيم بيِّنَة، فحكم النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالنخلة لأبي لبابة، فبكى اليتيم، فقال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي لبابة: «أعطه النخلة ولك بها نخلة في الجنة». فقال أبو لبابة: لا. فسمع بذلك أبو الدحداح، فاشترى النخلة من أبي لبابة بعد أن أخذ يزيده في ثمنها حتى قبِلَ بدلها حديقة كاملة، ثم قال أبو الدحداح للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ألِي نخلة في الجنة إنْ أعطيتها اليتيم؟ قال - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَعَمْ». فأعطاها اليتيم .. فلما مات أبو الدحداح شيَّعَهُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قبره، ثم قال للمُشَيِّعِين: «كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُعَلَّقٍ فِي الْجَنَّةِ لأَبِي الدَّحْدَاحِ» (?).
هل يقال بعد ذلك:
إنَّ المعاملات ليست من الحلال والحرام؟ هل يقال بعد