أُحِلْنَا بتمامها على القياس، وهو إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه لجامع بينهما».
هذا كلام نجم الدين الطوفي في المصلحة، فبماذا استدل به الباحث؟
حمل الباحث عبارتي الطوفي «دليل الشرع» و «النصوص» على القرآن فقط دون السُنَّة، فقال: صفحة «35»: «والشاهد هنا - كما هو ظاهر - أنَّ المُكَلَّفين يعرفون مصالحهم ويدبرونها فيما لم يأت به دليل خاص من الكتاب، وهم أعلم بشؤون دنياهم» أي من الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثم يقول صفحة «46»: «فما دام الرسول كان يجتهد، وما دام هذا الاجتهاد قد شمل الكثير من أنواع المعاملات أفلا يجوز لمن يأتي بعده أنْ يُدلي في الموضوع باجتهاده أيضاً هادفاً إلى تحقيق المصلحة، ولو أدى اجتهاده إلى غير ما قرَّره الرسول باجتهاده».
إنَّ الباحث هنا يعطي نفسه الحق في الاجتهاد على قدم المساواة مع رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير عابئ بالفرق بين الثَّرَى والثُريا. وإنَّ الباحث مُتخصِّصٌ في التاريخ، يستخدم منهج المؤرِّخِين عند بحث الحديث النبوي، ويتعامل مع رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويتحدَّثُ عنه كما يتحدَّثُ مُؤرِّخٌ عن ملك أو قائد زال عهده، فكلُّ بحثه يدور حول جمع أخطاء في اجتهاده - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل يُصَوِّرُ مَنْ حَوْلَهُ بأنهم أدرى بالمصلحة منه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنه يتَّخذُ القرار فينقضه بعد لحظات برأي أحد أصحابه.
فهو - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهى عن قطع أشجار الحَرَمِ، فيقول له عمُّهُ العباس: إلاَّ الإذخِر، فيقول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِلاَّ الإِذْخِرَ».