ويقول القرآن الكريم في وصف النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ} (?) فكيف ينفي عنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تشريع الحل والحرمة في المأكول والمشروب؟ ونسوق هنا بعض آداب الأكل والشرب الواردة في الصحيح وبعضها واجب، وبعضها مندوب، وَبَعْضُهَا مُحَرَّمٌ، وبعضها مكروه، ليتبين الخطأ الواضح في نفي التشريع عنها.
عَنْ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» (?).
وفي ذَمِّ الشَّرَهِ والتنفير من الجشع في الأكل يقول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» (?).
ويقول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ - فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ - فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلاَجَهُ» (?).
وَنَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الكَرْعِ، وَهُوَ الشُّرْبُ مُنْكَفِئًا عَلَى الإِنَاءِ وَتَنَاوُلِ الشَّرَابِ بِالفَمِ، كَمَا تَشْرَبُ البَهَائِمُ، فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «مَرَرْنَا عَلَى بِرْكَةٍ، فَجَعَلْنَا نَكْرَعُ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَكْرَعُوا، وَلَكِنِ اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ، ثُمَّ اشْرَبُوا [فِيهَا]» (?).
وَنَهَى - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ (?) أَيْ الشُّرْبُ مِنْ فَمِ الإِنَاءِ الكَبِيرِ، مَنْعًا مِنْ تَوَارُدِ الأَفْوَاهِ عَلَى المَكَانِ الوَاحِدِ مِمَّا يُغَيِّرُ رَائِحَتَهُ، فَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: «[أَنَّ النَّبِيَّ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ، لأَنَّ ذَلِكَ يُنْتِنُهُ» (?).
وَنَهَى - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن التنفس عند الشُّرْبِ، فَقَالَ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ» (?).
وَنَهَى - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن النفخ في الشراب عند الشرب، فَقَالَ رَجُلٌ: القَذَاةُ أَرَاهَا فِي الإِنَاءِ؟ قَالَ: «أَهْرِقْهَا»، قَالَ: فَإِنِّي لاَ أَرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: «فَأَبِنِ القَدَحَ إِذَنْ عَنْ فِيكَ» (?). قال الحافظ ابن حجر: «وَالنَّفْخُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ أَشَدُّ مِنَ التَنَفُّسِ فِيهِ» (?).
وَنَهَى - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الشرب في آنية الذهب والفضة (?).