الصلصة، وَالْتَفَّ المَدْعُوُّونَ حولها، وَسُلِّمَتْ لي ملعقة على مَضَضٍ من الدَّاعِي، وبدأنا نأكل، من حولي يأخذ القبضة من الأرز تعدل ملعقتين، يظل يقبضها ويبسطها حتى يعجنها، ثم يغمس قبضته بما فيها في طبق الصلصة، ثم يلقيها في فمه، مُبَلِّلاً شعر لحيته الطويلة، وَأَغْمَضْتُ عَيْنَيَّ عَنْهُمْ إِذْ أَحْسَسْتُ بالغثيان، لكنهم بدأوا يقطعون اللحم بهذه الأيدي وَيُقَدِّمُونَهَا لي لآكُلَهَا، وبكل إصرارٍ اضطررتُ لوضع قطعة في فمي، وكأني أدخل أصابعهم، وليس قطعة اللحم، وَتَحَرَّكَتْ أَمعائي، وتمالكت نفسي وأمسكت التقلب في معدتي حتى وصلت بيتي، فأفرغت ما فيها ولازمتُ الفراش أَيَّامًا يعلم الله آثارها على مستقبل حياتي الصِحِيَّةِ.
أهذا هو الإسلام؟ مَنْ يَقُلْ منهم هذا هو الإسلام فهو لا يعرف الإسلام، الإسلام دين النظافة والمشاعر الإنسانية، والإحساس المرهف «لاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، [فَإِنَّ] ذَلِكَ يُحْزِنُهُ» (?) «كُلْ مِمَّا يَلِيكَ» (?) «لَمْ يَعِبْ طَعَامًا قَطُّ، كَانَ إِذَا اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنْ عَافَهُ تَرَكَهُ» (?).
إن مشكلة الإسلام في بعض أهله، وقد أخبرني بعض منهم ممن يتصدون للدعوة في الخارج أنهم يذهبون إلى أوروبا وأمريكا، يدعون إلى الإسلام، ويأكلون على الأرض هناك وبأصابعهم، على أن هذه الصورة التي يدعون إليها، صورة الإسلام.
مُنَفِّرُونَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، فَتَّانُونَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، إن الإسلام رمز الطهر والنقاء والصفاء والنور والهداية، يُسْرٌ لاَ عُسْرَ فِيهِ، {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (?)، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (?).
إن الإسلام دين الزينة والطيبات والجمال، دستوره الخالد يقول: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (?)، «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» (?)، «إِنَّ اللهَ [يُحِبُّ] إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ»، وفي رواية أَنَّ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلاً رَثَّ الثِّيَابِ، فَقَالَ لَهُ: «إِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالاً فَلْيُرَ أَثَرُهُ عَلَيْكَ» (?) قالها لرجل رآه في ثياب دون، وفي رواية أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلاً شَعِثًا، قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ: «أَمَا كَانَ يَجِدُ