عنده أيامًا ثم تعود إلى قبائلها تُبَلِّغُهُمْ الدين الحنيف، ومن هذه الوفود وفد ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ الذي علمه الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإسلام، فعاد إلى قومه ودعاهم فأسلموا، ووفد عبد القيس، ووفود بني حنيفة وطيء وَكِنْدَةَ وأزد شنوءة، ووفد رسول ملوك حِمْيَرْ، الذين أسلموا وأرسلوا رسولهم بذلك إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبعث إليهم - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كتابًا يخبرهم أنه علم بإسلامهم، وَيَحُثُّهُمْ على طاعة الله والتمسُّك بدينه، وفيه وَصِيَّتُهُ لهم برسله وببعوثه، ويوصيهم الخير في الرعية ... كما قدمت وفود همدان، وتجيب - قبيلة من كندة - ووفود ثعلبة وبني سعد من هُذَيْمٍ ووفود كثيرة يضيق المقام عن ذكرها (?).
لقد كان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرى في هذه الوفود الخير، فيكرمهم وَيُعلِّمُهُمْ، وكانوا يسألونه ويجيبهم، وقد سمعوا حديثه، وشهدوا بعض مواقفه، وشاركوه في العبادة، ورأوا كثيرًا من تصرفاته. فكان لهذه الوفود أثر عظيم في نقل السُنَّةِ وانتشارها.
ونرى أَنَّ تلك العوامل الكثيرة كانت كافية لنشر السُنَّةِ وتبليغها المسلمين، في مختلف أرجاء الدولة الإسلامية آنذاك.
تلك لمحة سريعة عن انتشار السُنَّةِ في عهده - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد حرص الصحابة والمسلمون جَمِيعًا على حفظها وتبليغها، ولم ينتقل رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - إلى الرفيق الأعلى إلاَّ بعد أنْ انتشر الإسلام في الجزيرة العربية كلها وساد ربوعها، وملأ القرآن والسُنَّةُ صدور أهلها، مِصْدَاقًا لقوله - عَزَّ وَجَلَّ - {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (?)