أحاديث صريحة في دعم المذاهب السياسية والفرق الدينية، وكانت الأحاديث الموضوعة تولد مع ظهور الفرق، فينبري من يضع أحاديث تنتقص تلك الفرق، كما يقف الواضعون من الخصوم للدفاع عنها وهكذا، حتى تكونت مجموعة من الأحاديث الموضوعة التي كشف عنها جهابذة هذا العلم ورجاله، ولم يقتصر الوضع على فضائل الأشخاص، ودعم الآراء والأفكار العقائدية والمذاهب السياسية، بل تعداها إلى مختلف أبوب الحديث، وكادت الأحاديث الموضوعة تتناول جميع جوانب الحياة الخاصة والعامة، فوضعت أحاديث في الفضائل والمثالب، وأحاديث في مناقب البلدان والأيام، وأخرى في العبادات المختلفة، وفي المعاملات والأطعمة والأدب والزهد والذكر والدعاء، وفي الطب والمرض والفتن والمواريث وغيرها.
ويجدر بنا أن نبين أن الوضع لم يصل إلى ذروته في هذا القرن، لأنه نشأ قبل منتصف القرن الهجري الأول بقليل، وسرعان ما كان يعرف الحديث الموضوع لكثرة الصحابة والتابعين الذين عرفوا الحديث وحفظوه، ولم يؤخذوا بأراجيف الكذابين، وأخبار الوضاعين، هذا إلى أن أسباب الوضع في ذلك القرن لم تكن كثيرة، وكانت الأحاديث الموضوعة تزداد بازدياد البدع والفتن، وكان الصحابة وكبار التابعين وعلماؤهم في معزل عنها.
ويصور لنا الإمام ابن تيمية ذلك في قوله: «الصَّحَابَة - رَضِي اللهُ عَنْهُم - كَانُوا أَقَلَّ فِتَنًا مِنْ سَائِرِ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَإِنَّهُ كلما تاخر الْعَصْر عَن النُّبُوَّة كثر التَّفَرُّق وَالْخلاف، وَلِهَذَا لم يحدث فِي خلاَفَة عُثْمَان بِدعَة ظاهرة فَلَمَّا قتل وتفرق النَّاسُ حدثت بدعتان متقابلتان بِدعَة الخَوَارِج المُكَفِّرِينَ لِعَلِيٍّ وَبِدْعَةُ الرَّافِضَةِ المُدَّعِينَ لإِمَامَتِهِ وَعِصْمَتِهِ أََوْ نُبُوَّتِهِ