أربع سنوات وقد اتَّخذ الصفة مقامًا له وخدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ملء بطنه وكان يحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُبًّا شديدًا وكان ورعًا ملتزمًا سُنَّةَ رسول الله يُحَذِّرُ الناس من الانغماس في ملذات الدنيا وشهواتها يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، صبر على الفقر الشديد حتى أنه كان يلصق بطنه بالحصى من الجوع، يقول: «إِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، [بِشَبَعِ] بَطْنِي، حَتَّى لاَآكُلَ الخَمِيرَ ... »، ويقول: «وَكُنْتُ فِي سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الصُفَّةِ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، إِمَّا بُرْدَةٌ، أَوْ كِسَاءٌ قَدْ رَبَطُوهَا فِي أَعْنَاقِهِمْ» (?).
وكان عفيف النفس مع فقرة فياض اليد مبسوط الكف لم يحمله فقره على الشح.
اعتزل الفتن التي قامت بعد استشهاد عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وربما كان يحث الناس على اعتزالها ويروي عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قوله: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ» (?).
كان حسن المعشر طيب النفس صافي السريرة نظر إلى الدنيا بعين الراحل عنها فلم تدفعه الإمارة إلى الكبرياء بل أظهرت تواضعه فربما استخلفه مروان على المدينة فيركب حمارًا قد شد عليه بردعة وفي رأسه خلبة (*) من ليف يسير فيلقى الرجل فيقول: «الطَّرِيقَ .. قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ» (?).
ويمر في السوق يحمل الحطب على ظهره - وهو يومئذٍ أمير على المدينة - لمروان