ولم يكتف بهذا بل أرسل إلى الآفاق منشورًا يدعوهم لحرق كتب السُنَّة والتخلص منها، فقد جاء عن عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَّةَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لاَ يَكْتُبَهَا , ثُمَّ كَتَبَ فِي الأَمْصَارِ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَمْحُهُ» (?).
والجواب عن هذا: أنَّ رواية القاسم بن محمد عن عمر منقطعة ومن ثم فهي ضعيفة وساقطة عن الاعتبار. ورواية يحيى عن جعدة كذلك منقطعة وساقطة عن الاعتبار (?).
4 - قالوا: هَدَّدَ بعض المحدثين بالنفي كما قال السائب بن يزيد أنه سمع عمر يقول لأبي هريرة: «لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ دَوْسٍ» وقال لكعب: «لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ [عَنِ الأُوَلِ] أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ القِرَدَةِ» (?).
وأجيب على هذا بأنَّ القول المنسوب إلى عمر غير ثابت عنه.
قال المُعَلَّمِي: «ومحمد بن زرعة لم أجد له ترجمة، والمجهول لا تقوم به حُجَّة» (*). وفي الإسناد مشكلات أخرى.
بل الثابت أَنَّ عمر بعث في آخر إمارته أبا هريرة إلى البحرين على القضاء والصلاة، وبطبيعة الحال كان يُحَدِّثُهُمْ ويعلِّمُهُمْ ويُفْتِيهِمْ.
5 - قالوا: إنَّ عمر ضرب أبا هريرة على كثرة الرواية كما نقل أبو رية [ص 163] وقال له: «قَدْ أَكْثَرْتَ مِنَ الرِوَايَةِ وَاَحْرَ بِكَ أَنْ تَكُونَ كَاذِباً عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».
قلنا: هذا كذب وافتراء وَزُورٌ ولم يثبت ضرب عمر لأبي هريرة على رواية الحديث أو على أمر آخر، والخبر مكذوب مختلق وقائلة معتزل شيعي