وذكرت روايات أخرى في هذا المعنى في المجمع (?).
2 - قالوا: إنَّ السلف اهتموا بالأسانيد وحبسوا نشاطهم في وزن رجالها ولم يهتموا بالمتون أو يصرفوا جهدًا مذكورًا في تمحيصها .. (?).
قلنا: هذا خطأ فإنَّ الاهتمام بالسند لم يقصد لذاته وإنما قصد منه الحكم على المتن نفسه، ثم إنَّ صحة الحديث لا تجيء من عدالة رُوَاتِهِ فحسب بل أيضًا تجيء من انسجامه مع ما يثبت يقينًا من حقائق الدين الأخرى.
ثم كيف يتفق زعمهم هذا مع ما ذهبوا إليه من الحكم على متن الحديث بالشذوذ والنكارة والاضطراب والتعليل والوضع والاختلاق وما وضعوه من أمارات يستدل بها على الحديث بالوضع.
لقد جعلوا من أمارات الموضوع ركاكة اللفظ بحيث يشهد الخبير بالعربية أَنَّ هذا لن يصدر من فصيح فضلاً عَمَّنْ هو الفصحاء؟ وركاكة المعنى كَأَنْ يكون مشتملاً على محال، واشتمال الحديث على مجازفات ومبالغات لا تصدر من عاقل حكيم والمخالفة للحس والمشاهدة والمخالفة بصريح القرآن أو السُنَّة المتواترة أو الإجماع مع تعذر التأويل المقبول أو غير ذلك مما أفاضت به كتب تاريخ الوضع في الحديث. قال الربيع بن خثيم: «إِنَّ لِلْحَدِيثِ ضَوْءًا كَضَوْءِ النَّهَارِ تَعْرِفُهُ، وَظُلْمَةً كَظُلْمَةِ اللَّيْلِ تُنْكِرُهُ».
وقال ابن الجوزي: «مَا أَحْسَنَ قَوْلَ القَائِلِ: كُلُّ حَدِيثٍ رَأَيْتَهُ تُخَالِفُهُ العُقُولُ وَتُنَاقِضُهُ الأُُصُولُ وَتُبَايِنُهُ النُقُولُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ» (?).
3 - قالوا: إنَّ عمر أحرق كتب السُنَّة كما روى عنه القاسم بن محمد: «فَأَتَوْهُ بِكُتُبِهِمْ فَأَحْرَقَهَا بِالنَّارِ , ثُمَّ قَالَ: " أُمْنِيَةٌ كَأُمْنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ "». (?).