وتعالى بذلك. والنبيُّ المصطفى الكريمُ صلى الله عليه وسلم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم (- والرسولُ من مرسِله، لأنه يبلِّغ عنه ما يريد - والرسالةُ قد تكون مختومةً ليس له إلا تبليغها بعبارتها ولفظها، وقد تكون شفاهاً يبلغها بعبارته، لأنه مؤتمن. لذا فما كان من القسم الأول فهو: وحيُ القرآن، وما كان من القسم الثاني فهو: وحيُ السنة. والله تعالى أعلم.
وهذا ما دلت عليه الآياتُ القرآنيةُ الكريمةُ، والأحاديثُ النبويةُ الشريفةُ، ودلائلُ النبوة، واتفقت كلمةُ العلماء رحمهم الله تعالى عليه. وهو أن ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو وحيٌ - لكنه غيرُ مَتْلُوٍّ ولا مُعجِز - أوحاه الله سبحانه وتعالى إليه.
قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى (?) - وقد سئل عن الوحي -: «الوحيُ ما يُوحي الله إلى نبي من الأنبياء، فيثبتُه في قلبه، فيتكلم به، ويكتبه، وهو كلام الله، ومنه ما لا يتكلم به، ولا يكتبه لأحد، ولا يأمر بكتابته، لكنه يحدِّث به الناسَ حديثاً، ويبين لهم أن الله أمره أن يبيِّنه للناس، ويبلغهم إياه» .اهـ.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (?) : ما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم (شيئاً قط إلا بوحي، فمن الوحي ما يُتلى، ومنه ما يكون وحياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فيستن به - ثم ذكر حديثَ المطلب بن حنطب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما تركتُ شيئاً مما أمركم الله به: إلا وقد أمرتُكم به، ولا شيئاً مما نهاكم عنه: إلا وقد نهيتُكم عنه، وإن الروحَ الأمينَ قد أَلقى في رُوعي أنه لن تموتَ نفسٌ حتى تستوفي رزقَها، فأجملوا في الطلب".
قال الإمام الشافعي: وقد قيل: ما لم يُتْلَ قرآناً، إنما ألقاه جبريل في رُوعه