...
ومن النوع الثاني: وهو ما جاء في جزئيات خاصة؛ فأقتصر على بعض النماذج أيضاً.
1- قال الله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3]
فقوله تعالى: {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} أخبره بما كانت أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها - التي أَسَرَّ إليها النبيُّ المصطفى الكريمُ صلى الله عليه وسلم - قد أفشت الحديثَ الذي أسرَّه إليها. فهل هذا الإظهارُ موجودٌ في القرآن الكريم؟ لا، إنما كان بينَ اللهِ تعالى وبين نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث أطلعه على ما فعلَتْ أمُّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها، وبدلالة آخر الآية {قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} والإنباء وحي كما هو معلوم.
وإذا كان الإظهارُ من الله جل شأنه لنبيه المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم - والإنباء وحي، وهو غيرُ مكتوب، ولا موجود في القرآن - دل على أنَّ من الوحي ما هو ليس بمكتوب، وأن ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو بإيحاء الله تعالى له، وإنبائه إياه، وأن السنةَ النبوية وحيٌ، لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، إنما يتبع ما يوحى إليه، ولاسيما أن مثلَ هذا الأمر الذي كان من أم المؤمنين رضي الله عنهن جميعاً أمرٌ مخفي؛ لا يعلمه إلا الله تعالى. والله تعالى أعلم.
2 - لقد نفى الله تعالى عن الخلق جميعاً علمَ الغيب، وحصر تعالى ذلك به سبحانه وتعالى، فهو له تعالى لا يملكه أحد، وقد جاء ذلك في عدد من الآيات القرآنية الكريمة.