والمبيت في منى ليالي أيام التشريق، ... وما مبطلات الحج، وما يلزم فيه الدم، وما لا، ... إلخ كل ذلك جاءت به السنة النبوية الشريفة.
ومثل ذلك في المعاملات وغيرها كثير.
فهل عيَّن النبي المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم ذلك من عند نفسه، أو هو الوحي الذي لم نطَّلع عليه؟ وكيف يكون من عند نفسه - حاشاه بأبي هو وأمي - والله تعالى يقول: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} لكنه البيان الذي وَكَل الله تعالى إليه، وأوحاه له فنطق به، حيث يقول الله جل شأنه: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} بعد أن تكفَّل الله تعالى بالبيان {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} وقد أخبرنا تعالى بأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إنما هو الوحي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فهو صلى الله عليه وسلم يَتَّبع ما يوحيه الله تعالى إليه في كل أموره، كما أخبرنا الله جل شأنه عنه صلى الله عليه وسلم {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} ثم ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك من عند نفسه، ولو فعل صلى الله عليه وسلم لما أقرَّه الله تعالى، ولذكر الله تعالى ذلك لنا في كتابه الكريم، ولكان صلى الله عليه وسلم متقوِّلاً على ربه - حاشاه بأبي هو وأمي - فلما أقره الله تعالى - بل وَكَلَ ذلك البيان إليه؛ دلَّ على أن ما فعله صلى الله عليه وسلم من البيان إنما هو بأمر الله عز وجل الذي أوحاه إليه، وأنه صلى الله عليه وسلم إنما اتبع ما يوحى إليه، وإن كان قد خفي علينا كثيرٌ من ذلك، لأن بعضاً منه قد صرح صلى الله عليه وسلم بتعليم جبريل عليه السلام له، كما ذكرته في الأصل، والله تعالى أعلم.
والنصوص في هذا النوع كثيرة، إنما ذكرت ما يناسب هذا المختصر، والله تعالى أعلم.