قال الشيخُ رَحِمَه اللهُ: هَكَذا رَواه أبو عبدِ الرَّحمَنِ البَغدادِىُّ عن الشّافِعِىِّ،

وإِنَّما أرادَ به بَعضَ الصَّحابَةِ لما كانوا يَكرَهونَ مِنَ القِتالِ فى الفُرقَةِ، فأمّا

الخَوارجُ فلا نَعلَمُ أحَدًا مِنهُم كَرِهَ قِتالَه إيّاهُم.

16867 - أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ وأبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو قالا:

حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بنُ علىٍّ الوَرّاقُ، حدثنا

مُسَدَّدٌ، حدثنا حَمّادُ بنُ زَيدٍ، عن أيّوبَ، عن محمدِ بنِ سيرينَ قال:

ما عَلِمتُ أحَدًا كَرِهَ قِتالَ اللُّصوصِ والحَروريَّةِ تأثُّمًا إلَّا أن يَجبُنَ رَجُلٌ (?).

قال الشيخُ رَحِمَه اللهُ: وقَد رُوِّينا عن بَعضِ الصَّحابَةِ الَّذينَ كَرِهوا قِتالَه

ولَم يَمضوا مَعَه فى حَربِ صِفّينَ، أنَّهُمُ اعتَذَروا ببَعضِ المَعاذيرِ، وهُم

سَعدُ بنُ أبى وقّاصٍ، وأُسامَةُ بنُ زَيدٍ، ومُحَمَّدُ بنُ مَسلَمَةَ وغَيرُهُم، فبَعضُهُم

رُوِىَ عنه أنَّه قال: أخطَأ رأْيِى. وبَعضُهُم كان قَد قَتَلَ مُسلِمًا حَسِبَه بإِسلامِه

مُتَعَوِّذًا، فعاهَدَ اللهَ تَعالَى ألّا يَقْتُلَ رَجُلًا يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ. وبَعضُهُم كان

سَمِعَ تَعظيمَ القِتالِ فى الفُرقَةِ فحَسِبَه قِتالًا فى الفُرقَةِ، وبَعضُهُم أحَبَّ أن

يَتَوَلَّاه غَيرُه. وقَد ذَهَبَ أكثَرُهُم إلَى أن عَليًّا - رضي الله عنه - كان مُحِقًّا فى قِتالِه، حامِلًا

لمن خالَفَه على طاعَتِه، يَقصِدُ بقِتالِه أهلَ الشّامِ، حَملَ أهلِ الامتِناعِ على تَركِ

الطّاعَةِ لِلإمامِ، وبِقِتالِه أهلَ البَصرَةِ دَفعَ ما كانوا يَظُنّونَ عَلَيه مِن قَتلِه

عثمانَ بنِ عَفانَ - رضي الله عنه -، أو مُشارَكَتِه قاتِلَه فى دَمِه، أو ما يَقدَحُ فى إمامَتِه.

واستَدَلّوا على بَغىِ مَن خالَفَه مِن أهلِ الشّامِ، بما كان سَبَقَ له مِن شورَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015