وما لِلحُكمِ؟ فقُلتُ: هذه واحِدَةٌ. قالوا: وأمّا الأُخرَى فإِنَّه قاتَلَ ولَم يَسبِ

ولَم يَغنَمْ، فلَئن كان الَّذينَ قاتَلَ كُفّارًا لَقَد حَلَّ سَبيُهُم وغَنيمَتُهُم، وإِن كانوا

مُؤمِنينَ ما حَلَّ قِتالُهُم. قُلتُ: هذه ثِنتانِ، فما الثّالِثَةُ؟ قالوا: إنَّه مَحا اسمَه مِن

أميرِ المُؤمِنينَ، فهو أميرُ الكافِرينَ! قُلتُ: أعِندَكُم سِوَى هَذا؟ قالوا: حَسبُنا

هَذا. فقُلتُ لَهُم: أرأيتُم إن قَرأْتُ عَلَيكُم مِن كِتابِ اللهِ ومِن سُنَةِ نَبيِّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يُرَدُّ

به قَولُكُم، أتَرضَونَ؟ قالوا: نَعَم. فقُلتُ لَهُم: أنها قَولُكُم: حَكَمَ الرِّجالَ فى

أمرِ اللهِ. فأنا أقرأُ عَلَيكُم ما قَد رُدَّ حُكمُه إلَى الرِّجالِ فى ثَمَنِ رُبُعِ

دِرهَمٍ فى أرنَبٍ أو (?) نَحوِها مِنَ الصَّيدِ، فقالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ

وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلَى قَولِه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]. فنَشَدتُكُم باللَّهِ،

أحُكمُ الرجالِ فى أرنَبٍ ونَحوِها مِنَ الصَّيدِ أفضَلُ، أم حُكمُهُم فى دِمائهِم

وإِصلاحِ ذاتِ بَينِهِم؛ ! وأن تَعلَموا أنَّ اللهَ لَو شاءَ لَحَكَمَ ولَم يُصَيِّرْ ذَلِكَ إلَى

الرجالِ، وفِى المَرأةِ وزَوجِها قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]. فجَعَلَ اللهُ حُكمَ الرجالِ سُنَّةً ماضيَةً، أخَرَجتُ مِن هَذِهِ؟ قالوا:

نَعَم. قال: وأمّا قَولُكُم: قاتَلَ فلَم يَسبِ ولَم يَغنَمْ. أتَسْبُونَ أُمَّكُم عائشَةَ ثُمَّ

تَستَحِلّونَ مِنها ما يُستَحَلُّ مِن غَيرِها؟ ! فلَئن فعَلتُم لَقَد كَفَرتُم، وهِىَ أُمُّكُم،

ولَئن قُلتُم: لَيسَت بأُمِّنا. لَقَد كَفَرتُم؟ فإِنَ اللهَ تَعالَى يقولُ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}

[الأحزاب: 6]. فأنتُم تَدورونَ بَينَ ضَلالَتَينِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015