عُمَرُ بنُ يونُسَ بنِ القاسِمِ بنِ مُعاويَةَ اليَمامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكرِمَةُ بنُ عَمّارٍ
العِجلِيُّ، حَدَّثَنِي أبو زُمَيلٍ سِماكٌ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ قال: لَمّا
خَرَجَتِ الحَرورِيَّةُ اجتَمَعوا فى دارٍ وهُم سِتَّةُ آلافٍ، أتَيتُ عَليًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقُلتُ:
يا أميرَ المُؤمِنينَ، أَبْرِدْ بالظُّهرِ لَعَلِّى آتِى هَؤُلاءِ القَومَ فأُكَلِّمَهُم. قال: إنِّى
أخافُ عَلَيكَ. قال: قُلتُ: كَلَّا. قال: فخَرَجتُ آتيهُم، ولَبِستُ أحسَنَ
ما يَكونُ مِن حُلَلِ اليَمَنِ، فأتَيتُهُم وهُم مُجتَمِعونَ فى دارٍ وهُم قائلونَ،
فسَلَّمتُ عَلَيهِم فقالوا: مَرحَبًا بكَ يا أبا عباسٍ، فما هذه الحُلَّةُ؟ قال: قُلتُ:
ما تَعيبونَ علَيَّ؟ لَقَد رأيتُ علَى رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحسَنَ ما يَكونُ مِنَ الحُلَلِ،
ونَزَلَت: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}
[الأعراف: 32]. قالوا: فما جاءَ بكَ؟ قُلتُ: أتَيتُكُم مِن عِندِ صَحابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنَ المُهاجِرينَ والأَنصارِ، لأُبلِغَكُم ما يَقولونَ، وتُخبِرونِى بما تَقولونَ،
فعَلَيهِم نَزَلَ القُرآنُ، وهُم أعلمُ بالوَحىِ مِنكُم، وفيهِم أُنزِلَ، ولَيسَ فيكُم
مِنهُم أحَدٌ. فقالَ بَعضُهُم: لا تُخاصِموا قُرَيشًا، فإِنَّ اللهَ يقولُ:
{بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]. قال ابنُ عباسٍ: وأتَيتُ قَومًا لَم أرَ قَومًا قَط أشَدَّ
اجتِهادًا مِنهُم، مُسَهَّمَةٌ وُجوهُهُم مِنَ السَّهَرِ، كأنَ أيديَهُم ورُكَبَهُم ثَفِنٌ،
عَلَيهِم قُمُصٌ مُرَخَصَّة. فقال بَعضُهُم: لَنُكَلَمَنَّه ولَنَنظُرَنَّ ما يَقولُ. قُلتُ:
أَخبِرونِى ماذا نَقَمتُم على ابنِ عَمِّ رسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصِهرِه والمُهاجِرينَ
والأَنصارِ؟ قالوا: ثَلاثًا. قُلتُ: ما هُنَّ؟ قالو ا: أنها إحداهُنَّ فإِنَّه حَكَّمَ الرِّجالَ
فى أمرِ اللَّهِ، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57]. وما لِلرِّجالِ