وأَنَها مِن عِندِ اللهِ، ولَكِنِّى عَجِبتُ. فبَينا رسولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- كَذَلِكَ إذ جاءَ هِلالُ بنُ
أُمَيَّةَ الواقِفِيُّ، وهو أحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذينَ تابَ اللَّهُ عَلَيهِم، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ،
إنِّى جِئتُ البارِحَةَ عِشاءً مِن حائطٍ لِى كُنتُ فيه، فرأيتُ عِندَ أهلِى رَجُلًا
ورأيتُ بعَينَيَّ وسَمِعتُ بأُذُنَئَ. فكَرِهَ رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم-ما جاءَ به فقيلَ: يُجلَدُ
هِلال وتُبطَلُ شَهادَتُه فى المُسلِمينَ. فقالَ هِلالٌ: يا رسولَ اللهِ، واللَّهِ إنِّى
لأرَى فى وجهِكَ أنَّكَ تَكرَهُ ما جِئتُ به، وإِنِّى لأرجو أن يَجعَلَ اللَّهُ لِى فرَجًا.
قال: فبَينَا رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- كَذَلِكَ إذ نَزَلَ عَلَيه الوَحي، وكانَ رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- إذا
نَزَلَ عَلَيه الوَحيُ تَرَبَّدَ (?) لِذَلِكَ خَدُّه ووَجهُه، وأَمسَكَ عنه أصحابُه فلَم يُكلِّمْه
أحَدٌ مِنهُم، فلَمّا رُفِعَ الوَحئ قال: "أبشِرْ يا هِلالُ". قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:
"ادعوها". فدُعيَت، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالَى يَعَلَمُ
أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فهَل مِنكُما تائبٌ؟ ". فقالَ هِلال -رضي الله عنه-: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ،
ما قُلتُ إلا حَقًّا، ولَقَد صَدَقتُ. قال: فقالَت هِىَ عِندَ ذَلِكَ: كَذَبَ. قال: فقيلَ
لِهِلالٍ: تَشهَدُ أربَعَ شَهاداتٍ باللَّهِ إنَكَ لَمِنَ الصّادِقينَ، وقيلَ له عِندَ
الخامِسَةِ: يا هِلالُ اتَقِ اللهَ؛ فإِنَ عَذابَ اللَّهِ أشدُّ مِن عَذابِ الناسِ، وإِنَّ هذه
الموجِبَةُ التى توجِبُ عَلَيكَ العَذابَ. فَقالَ: واللَّهِ لا يُعَذَبُنِى اللهُ أبَدًا كما لَم
يَجلِدْنِى عَلَيها. قال: فشَهِدَ الخامِسَةَ؛ أنَّ لَعنَةَ اللَّهِ عليه إن كان مِنَ الكاذِبينَ.
وقيلَ: اشهَدِى أربَعَ شَهاداتٍ باللَّهِ إنَه لَمِنَ الكاذِبينَ. وقيلَ لَها عِندَ الخامِسَةِ:
يا هذه اتَّقِى اللهَ؛ فإِنَ عَذابَ اللهِ أشَدُّ مِن عَذابِ الناسِ، وإِنَّ هذه الموجِبَةُ