قاتَلتُموه وقاتَلَكُم؟ قال: قُلتُ: نَعَم. قال: فكَيفَ كانَت حَربُكُم وحَربُهُ؟
قال: قُلتُ: كانَت دُوَلًا وسِجالًا، يُدالُ عَلَينا المَرَّةَ ونُدالُ عَلَيه الأُخرَى.
قال: فماذا يأمُرُكُم به؟ قال: يأمُرُنا أن نَعبُدَ اللَّهَ وحدَه لا نُشرِكُ به شَيئًا،
ويَنهانا عَمّا كان يَعبُدُ آباؤُنا، ويأمُرُنا بالصَّلاةِ والصِّدقِ والعَفافِ والوَفاءِ
بالعَهدِ وأَداءِ الأمانَةِ. قال: فقالَ لِتَرجُمانِه حينَ قُلتُ ذَلِكَ له: قُلْ له: إنِّى
سألتُكَ عن نَسَبِه فيكُم، فزَعَمتَ أنَّه ذو نَسَبٍ، وكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبعَثُ فى
نَسَبِ قَومِها، وسألتُكَ: هَل قال هذا القَولَ أحَدٌ مِنكُم قَبلَه؟ فزَعَمتَ أن لا،
فقُلتُ: لَو كان أحَدٌ مِنكُم قال هذا القَولَ قَبلَه قُلتُ: رَجُلٌ يأتَمُّ بقَولٍ قَد قيلَ
قَبلَه. وسألتُكَ: هَل كُنتُم تَتَّهِمونَه بالكَذِبِ قبلَ أن يَقولَ ما قال؟ فزَعَمتَ أن
لا، فعَرَفتُ أنَّه لَم يَكُنْ ليَدَعَ الكَذِبَ على النّاسِ ويَكذِبَ على اللَّهِ،
وسألتُكَ: هَل كان مِن آبائه مِن مَلِكٍ؟ فزَعَمتَ أن لا، فقُلتُ: لَو كان مِن
آبائه مَلِكٌ قُلتُ: يَطلُبُ مُلكَ آبائه. وسألتُكَ: أشرافُ النّاسِ يَتَّبِعونَه أم
ضُعَفاؤُهُم؟ فزَعَمتَ أنَّ ضُعَفاءَهُمُ اتَبَعوه، وهُم أتباعُ الرُّسُلِ، وسألتُكَ. هَل
يَزيدونَ أم يَنقُصونَ؟ فزَعَمتَ أنَّهُم يَزيدونَ، وكَذَلِكَ الإيمانُ حَتَّى يَتِمَّ،
وسألتُكَ: هَل يَرتَدُّ أحَدٌ سَخطَةً لِدينِه بَعدَ أن يَدخُلَ فيه؟ فزَعَمتَ أن لا،
وكَذَلِكَ الإيمانُ حينَ تُخالِطُ بَشاشَتُه القُلوبَ لا يَسخَطُه أحَدٌ، وسألتُكَ:
هَل يَغدِرُ؟ فزَعَمتَ أن لا، وكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا يَغدِرونَ، وسألتُكَ:
هَل قاتَلتُموه وقاتَلَكُم؟ فزَعَمتَ أن قَد فعَلَ، وأَنَّ حَربَكُم وحَربَه تَكونُ دُوَلًا
يُدالُ عَلَيكُمُ المَرَّةَ وتُدالونَ عَلَيه الأُخرَى، وكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبتَلَى وتَكونُ لَها