سئل بعضهم عن حظوظ البلدان في الطعام وما قُسم لكل قوم منه؟ فقال: ذهبت الروم بالجشم والحشو، وذهبت فارس بالبارد والحلو.
وقال: وقد علم بهذا أن الحلويات عند العرب ما يعملونه بالدقيق والتمر، ويدخل أكثرها الدبس أو العسل أو السكر، وهذا كان نادراً في الجملة عندهم؛ لأنه يأتيهم من فارس، كما دل عليه اسمه عندهم، إذ أخذوا عن جيرانهم الاسم ونقلوا المسمى.
ويحكى أنَّ عبد الله بن جدعان أحدَ أشراف قريش ذهب مرَّة إلى كسرى فأطعمه «الفالوذج»، فاستطابه وسأل كيف يُصنع؟ فقيل له: إنه لباب البُرِّ يُلبَك بالعسل، فابتاع غلاماً يصنعه له، ورجع إلى مكة وصنع الفالوذج، ودعا إليها أصحابه، وممن أكلها أمية بن أبي الصلت فقال يمدحه ....
وبذلك عرفتَ أنَّ معظم الأطعمة الشهية: فارسية أو رومية، استعملها العرب في البلاد التي نزلوها، ومنها ما عرَّبُوه، ومنها ما أبقوه على حاله ولكل بلد خصائصه في مآكله.
وقال: ومن المجالس الغريبة المجلس الذي عقده المستكفي بالله ليتذاكر مع ندمائه أنواع الأطعمة، وما قال الناس في ذلك منظوماً. وقد أورد المسعودي في «مروج الذهب» هذه القصائد، ومنها: قصيدة لابن المعتز يصف سلة سكارج كوامخ، وأخرى: لكشاجم في صفة سلة نوادر، وثالثة: لابن الرومي في صفة وسط، ورابع: لإسحاق الموصلي في صفة سنبوسج، وأخرى: لكشاجم في وصف هليون، وغيرها.