أستاداره: بِأَن مندوبه أمره أَن يكون أَمر الْملك الظَّاهِر نَافِذا فِي بِلَاده. وَأَن أكون نَائِب الْملك الظَّاهِر كَمَا أَنا نَائِبه. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشريه: قرئَ مَكْتُوب فِي جَامع مصر بِإِبْطَال مَا قرر على ولَايَة مصر من الرسوم وَهِي مائَة ألف دِرْهَم وَأَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم نقرة. وَورد الْخَبَر بِأَن الأشكري عوق الرُّسُل إِلَى الْملك بركَة بالهدية عَن الْمسير إِلَيْهِ حَتَّى هلك أَكثر مَا مَعَهم من الْحَيَوَان فأحضر السُّلْطَان البطاركة والأساقفة وسألهم عَمَّن خَالف الْأَيْمَان وَمَا كتب بِهِ الأشكري فَأَجَابُوا بِأَنَّهُ يسْتَحق أَن يحرم من دينه فَأخذ السُّلْطَان خطوطهم بذلك وَأخرج لَهُم حِينَئِذٍ نسخ أَيْمَان الأشكري وَقَالَ: إِنَّه قد نكث بإمساك رُسُلِي وَمَال إِلَى جِهَة هولاكو. ثمَّ جهز إِلَيْهِ الراهب الفيلسوف اليوناني وَمَعَهُ قسيس وأسقف بحرمانه من دينه وَكتب لَهُ كتابا أغْلظ فِيهِ. وَكتب السُّلْطَان أَيْضا إِلَى الْملك بركَة كتابا وسيره إِلَى الْأَمِير فَارس الدّين أقوش السعودي المتوجه بالهدية إِلَى الْملك وَقدم الْبَرِيد من الْبِلَاد الشامية بِأَن عدَّة من التتار وَمن الأتراك والبغاددة قد قصدُوا الْبِلَاد مستأمنين فَأمر السُّلْطَان بِجمع الْأُمَرَاء وأعلمهم بذلك وَقَالَ: أخْشَى أَن يكون فِي مجيئهم من كل جِهَة مَا يستراب مِنْهُ والرأي أَن نخرج إِلَيْهِم فَإِن كَانُوا طائعين عاملناهم. بِمَا يَنْبَغِي وَإِلَّا فنكون على أهبة. وَمن احْتَاجَ من الْعَسْكَر إِلَى شَيْء أَعْطيته وَمَا أَنا إِلَّا كأحدكم يَكْفِينِي فرس وَاحِد وَجَمِيع مَا عِنْدِي من خيل وجمال وَمَال كُله لكم وَلمن يُجَاهد فِي سَبِيل الله. فَأَشَارَ الْأُمَرَاء عَلَيْهِ بسلطنة وَلَده ليَكُون مُقيما بديار مصر فِي غيبته. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر شَوَّال: أركب السُّلْطَان ابْنه الْملك السعيد بشعار السلطنة وَخرج بِنَفسِهِ فِي ركابه وَحمل الغاشية رَاجِلا بَين يَدَيْهِ فَأَخذهَا مِنْهُ الْأُمَرَاء وَرجع إِلَى مقرّ ملكه وَلم تزل الْأُمَرَاء والعساكر فِي خدمته إِلَى بَاب النَّصْر ودخلوا بِهِ من الْقَاهِرَة رجالة يحملون الغاشية وَقد زينت الْمَدِينَة أحسن زِينَة واهتم الْأُمَرَاء بِنصب القباب: فَسَار الْملك السعيد والأمير عز الدّين أيدمر الْحلِيّ رَاكب إِلَى جَانِبه وَقد تقرر أَن يكون أتابكه والنياب الأطلس والعتابي تفرش تَحت فرسه حَتَّى عَاد إِلَى قلعة الْجَبَل وَلم يبْق أَمِير حَتَّى فرش من جِهَته الثِّيَاب الْحَرِير فَاجْتمع من ذَلِك أحمال تفرقها المماليك السُّلْطَانِيَّة. وَكتب القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر تَقْلِيد الْملك السعيد بتفويض عهد السلطنة لَهُ.