نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ على الْعَادة فأركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش ذهب كَمَا جرت بِهِ الْعَادة. وَفِي عشرينه: برز الْأَمِير التَّاج بالمحمل إِلَى الريدانية ظَاهر الْقَاهِرَة بَعْدَمَا خلع عَلَيْهِ خلعة سنية. وتتابع خُرُوج الْحَاج. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشرينه: نزل السُّلْطَان إِلَى جَامعه وَقد هيئت المطاعم والمشارب فَمد سماط عَظِيم وملئت الْبركَة الَّتِي بصحنه سكرا قد أذيب بِالْمَاءِ وأحضرت الحلاوات لإجلاس قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ على سجادة مشيخة الصُّوفِيَّة وتدريس الْحَنَفِيَّة وخطابة القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ كَاتب السِّرّ. فَعرض السُّلْطَان الْفُقَهَاء وَقرر مِنْهُم عِنْد المدرسين السَّبْعَة من اخْتَار ثمَّ أكل على السماط وتناهبه النَّاس وَشَرِبُوا السكر الْمُذَاب وأكلوا الْحَلْوَى. ثمَّ استدعي الديري وألبس خلعة وَاسْتقر فِي المشيخة وتدريس الْحَنَفِيَّة. وَجلسَ بالمحراب وَالسُّلْطَان وَولده عَن يسَاره والقضاة عَن يَمِينه ويليهم مَشَايِخ الْعلم وأمراء الدولة فَألْقى درساً تجاذب فِيهِ أهل الْعلم أذيال المناظرة حَتَّى قرب وَقت الصَّلَاة ثمَّ انْفَضُّوا. فَلَمَّا حَان وَقت الصَّلَاة صعد ابْن الْبَارِزِيّ الْمِنْبَر وخطب خطْبَة من إنشائه بلغ فِيهَا الْغَايَة من البلاغة ثمَّ نزل فصلى. فَلَمَّا انْقَضتْ الصَّلَاة خلع عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي الخطابة وخزانة الْكتب. ثمَّ ركب السُّلْطَان وعدى النّيل إِلَى الجيزة فَأَقَامَ إِلَى يَوْم الْأَحَد ثَالِث عشرينه وَعَاد إِلَى القلعة. وَفِيه رَحل ركب الْحَاج الأول من بركَة الْحَاج ورحل التَّاج بالمحمل من الْغَد. وَفِيه سرح السُّلْطَان إِلَى نَاحيَة شيبين الْقصر وَعَاد إِلَى القلعة من الْغَد. وَقدم الْخَبَر أَن الغلاء اشْتَدَّ بِمَكَّة فعدمت بهَا الأقوات وأكلت القطط وَالْكلاب حَتَّى نفدت فَأكل بعض النَّاس الْآدَمِيّين وَكثر الْخَوْف مِنْهُم حَتَّى امْتنع الْكثير من البروز إِلَى ظَاهر مَكَّة خشيَة أَن يؤكلوا. شهر ذِي الْقعدَة أَوله الْأَحَد: فِيهِ ركب السُّلْطَان للصَّيْد.