يَوْمًا، وَقيل شهر وَسِتَّة عشر يَوْمًا وَكَانَ مواظبا على الْحَج، مُتَابعًا للغزو وَاتخذ المصانع والآبار والبرك والقصور بطرِيق مَكَّة، وبمكة وَمنى وعرفات وَالْمَدينَة النَّبَوِيَّة، وَعم النَّاس إحسانه وعدله، بني الثغور ومدن المدن، وحصن فِيهَا الْحُصُون، مثل طرسوس وأدنه، وَعمر المصيصة ومرعش وَغير ذَلِك، فاقتدى النَّاس بِهِ، وَهُوَ أول خَليفَة لعب بالصوالجة فِي الميدان، وَرمي بالنشاب فِي البرجاس، وَلعب بالشطرنج، وَقرب أَرْبَاب هَذِه الْأُمُور وأجرى لَهُم الأزراق، فاقتدى بِهِ النَّاس. وَكَانَت أَيَّامه كَأَنَّهَا من حسنها أعراس. فبويع بعده ابْنه الْأمين مُحَمَّد بن هَارُون، وَأقَام أَربع سِنِين وَثَمَانِية أشهر وَخَمْسَة أَيَّام، فَقدم الخدم، وَرفع مَنَازِلهمْ، وشغف بهم، فاتخذت لَهُ أمه الْجَوَارِي الغلاميات، فَاتخذ النَّاس فِي أَيَّامه ذَلِك فَقَامَ من بعده أَخُوهُ الْمَأْمُون عبد الله بن هَارُون مُدَّة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة مُنْذُ سلم عَلَيْهِ بالخلافة، وَمُدَّة عشْرين سنة وَخَمْسَة أشهر وَثَلَاثَة أَيَّام، وَقيل وَخَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا، بعد قتل أَخِيه، وَكَانَ أَولا ينظر فِي أَحْكَام النُّجُوم وَيعْمل بموجبها، وَيكثر النّظر فِي كتب القدماء من الْحُكَمَاء، فَلَمَّا قدم بَغْدَاد أعرض عَن ذَلِك كُله، وَقَالَ بأقوال الْمُعْتَزلَة، وَقرب أَرْبَاب الْعُلُوم، وطلبهم من الْآفَاق، وأجرى عَلَيْهِم الأزراق، فَرغب النَّاس الْمُعْتَزلَة، وَقرب أر بَاب الْعُلُوم، وطلبهم من الْآفَاق، وأجرى عَلَيْهِم الأزراق، فَرغب النَّاس فِي الْعُلُوم الجدلية، وصنف كل أحد فِيهَا مَا ينصر بِهِ مذْهبه، وَكَانَ كَرِيمًا عفوا، فاقتدى النَّاس بِهِ فِي أَحْوَاله كلهَا. وَقَامَ بعد الْمَأْمُون أَخُوهُ المعتصم بِاللَّه أَبُو إِسْحَاق مُحَمَّد بن هَارُون، مده ثَمَانِي سِنِين وَثَمَانِية أشهر أَيَّام، وَهُوَ أول من أَدخل الأتراك الدِّيوَان، وَكَانَ أُمِّيا لَا يقْرَأ وَلَا يكْتب، وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الفروسية، ويتشبهه بالعجم فِي عَامَّة أَحْوَاله [ ... ...] وَقَامَ من بعده ابْنه الواثق بِاللَّه أَبُو جَعْفَر هَارُون بن مُحَمَّد مُدَّة