اقام فِي الْجبَال الى سنة احدى واربعين وَكَانَت الْحرَّة يتذلل ويتلطف وسألها ذمَّة لَهُ ولأصحابه وان تَأذن لَهُ فِي الْعود الى وَطنه فأجابته الى ذَلِك على كره من اعيان الدولة وَغَيرهم ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا ثمَّ اقام يشْتَغل فِي أرضه وَحصل بذلك اموالا جليلة لعدم الْخراج وَكَانَ يَقُول فِي وعظه ايها النَّاس دنى الْوَقْت ازف الْأَمر فَلَمَّا توفيت الْحرَّة بالتاريخ الْمُتَقَدّم عِنْد ذكرهَا بَايع جمعا من النَّاس فِي قَرْيَة يُقَال لَهَا الْقَضِيب بقاف مَضْمُومَة بعد الف وَلَام وضاد مَفْتُوحَة مُعْجمَة وياء مثناة من تَحت سَاكِنة وباء مُوَحدَة وَذَلِكَ سنة سِتّ واربعين وَخَمْسمِائة على الْجِهَاد بَين يَدَيْهِ لأهل الْمُنكر وهم الْحَبَشَة وَمن عاضدهم من الْعَرَب واكثرهم عك وامرهم بقتل من خَالفه وان كَانَ من قومه اَوْ قَومهمْ وَلما كملت مبايعته لَهُم قَامَ فيهم خَطِيبًا فَقَالَ من جملَة خطبَته وَالله مَا جعل فَنًّا الْحَبَشَة الابي وبكم وَعَما قَلِيل انشاء الله سَوف تعلمُونَ وَالله الْعَظِيم رب مُوسَى وابراهيم اني عَلَيْهِم ريح عَاد وصيحة ثَمُود فَإِنِّي أحدثكُم فَلَا أكذبكم وأعدكم فَلَا أخلفكم وَلَئِن كُنْتُم أَصْبَحْتُم الْيَوْم قَلِيلا لتكثرن أَو وضيعا لتشرفن أَو أذلا لتعزن حَتَّى تصيروا مثلا فِي الْعَرَب والعجم ليجزي الله الَّذين أساوا بِمَا عمِلُوا وَيجْزِي الَّذين أَحْسنُوا بِالْحُسْنَى فالأناة الأناة فوحق الله الْعَظِيم على كل مُؤمن موحد لأخذ مِنْكُم بَنَات الْحَبَشَة واخواتهم ولأخولنكم اموالهم واولادهم ثمَّ قَرَأَ وعد الله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات الى قَوْله أمنا
ثمَّ صعد الْجبَال بِجمع سماهم الْمُهَاجِرين فَقعدَ بِموضع يُقَال لَهُ الداشر لبث بِهِ مُدَّة ثمَّ ارْتَفع الى حصن يُقَال لَهُ الشّرف لبطن من خولان يُقَال لَهُم