صَالحا سليم الصَّدْر وَنَشَأ ابْنه هَذَا على طَرِيقه كثيرا لعزله متمسكا بِالْعبَادَة ثمَّ كَانَ يخرج الى الْحَج فَيَأْتِي حَاج الْعرَاق وعلماؤه ووعاظه فيتضلع من علومهم ومعارفهم ثمَّ مَتى عَاد الْيمن اعتزل النَّاس وَأظْهر الْوَعْظ والتحذير من صُحْبَة الْمُلُوك وحواشيهم وَكَانَ فصيحا صبيحا اخضر اللَّوْن مليح الْخَدين طَوِيل الْقَامَة حسن الصَّوْت بَين عَيْنَيْهِ سَجْدَة طيب النقمَة حُلْو الايراد غزير المحفوظات قَائِما بالوعظ وَالتَّفْسِير وَطَرِيق الصُّوفِيَّة وَرُبمَا تكلم بِشَيْء من الْأُمُور الَّتِي هِيَ مُسْتَقْبلَة فَيكون كَمَا ذكر فَصَارَ ذَلِك من أقوى الْعدَد لوصوله الى مقْصده فِي استماله قُلُوب الْعَالم فَأول مَا ظهر امْرَهْ بالقرى الَّتِي هِيَ سفل وَادي زبيد أَولهَا العنبرة والقضيب والأهواب والمقتفى وواسط وَمَا قاربها من الْأَمَاكِن وَصَارَ لَهُ ذكر فِي الصّلاح وَالْعِبَادَة والمكاشفة والوعظ وَصَارَ يفتقد اهل هَذِه الْأَمَاكِن بالوعظ وَلَا يقبل مِنْهُم هَدِيَّة وَلَا صَدَقَة وَكَانَ رَقِيق الْقلب قريب الدمعة غزيرها وَكَانَ مُبْتَدأ ظُهُوره سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة على الْحَال الْمُتَقَدّم من الْعِبَادَة والزهادة والوعظ وتنفير الْعَالم عَن الْمُلُوك والعسكر ثمَّ مَتى دنى الْحَج خرج حَاجا على نجيب وَثَبت لَهُ بذلك عِنْد الْحرَّة ام فاتك مكانة فاطلقت لَهُ من سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ خراج ارضه واراضي من يلوذ بِهِ من قريب وصحيب فَلم يمض لَهُم مُدَّة حَتَّى صَارُوا أهل خُيُول صاهلة وَعدد للحرب باهرة وفراسة ظَاهِرَة فَكَانُوا فِي ركُوب الْخَيل على مَا قَالَ عمَارَة كَمَا قَالَ الشَّاعِر وَهُوَ المتنبي

... فَكَأَنَّمَا نتجت قيَاما تَحْتهم ... وكأنما ولدُوا على صهواتها ... ثمَّ انه حَالف قوما من أهل الْجبَال وَصعد اليهم بِمن اجْتمع مَعَه من اهل تهَامَة وَجمع نَحوا من اربعين الْفَا وَقصد بهم الكدري فَلَقِيَهُ يَوْمئِذٍ صَاحبهَا الْقَائِد اسحاق فَهَزَمَهُمْ وَقتل جمعا من اصحابه سنة ثَمَانِي وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة ثمَّ انه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015