بَين السُّلْطَان والوزراء فاستغنى بِهِ عَن الأزمة والأستاذين وَكَانَ زِمَام الدَّار يَوْمئِذٍ خَادِم يُقَال لَهُ صَوَاب كَانَ رجلا مُبَارَكًا يمِيل الى الدّين وَالْعِبَادَة واذا قيل لَهُ قد أَخذ سرُور مَكَانك قَالَ أَبُو مُحَمَّد سرُور هُوَ صَاحب الْأَمر وَالنَّهْي عَليّ وَعَلَيْكُم وعَلى مولاتنا وَلَيْسَ نخرج عَن طَاعَته وَهُوَ أهل ان يتقلد أمورالناس فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب ثمَّ ترقت بِهِ الْحَال الى أَن خرج اقبال عَن الوزارة وَصَارَ مَكَانَهُ لأمور كَثِيرَة يطول شرحها اسْتحق بهَا التقدمة وَلما كَانَ امْرَهْ كَذَلِك اتجه ان اذكر شَيْئا من احواله اللائقة

قَالَ عمَارَة كَانَ يخرج من بَيته الى مَسْجده بعد نصف اللَّيْل أَو ثلثه وَكَانَ من اعْلَم النَّاس بالمنازل فاذا قيل لَهُ كَيفَ تخرج بِهَذَا الْوَقْت قَالَ إِنَّمَا اخْرُج فِيهِ لعَلي اجد من اهل البيوتات وارباب السّتْر لَا يقدر على الْوُصُول الي بِالنَّهَارِ اما لِكَثْرَة النَّاس اَوْ لفرط الْحيَاء ثمَّ اذا صلى الصُّبْح ركب اما الى فَقير يزوره أَو صَالح اَوْ مَرِيض يعودهُ اَوْ ميت يحضرهُ أَو عقد نِكَاح يشهده ثمَّ لَا يخص بذلك أحدا بل يَفْعَله على الْعُمُوم وَمن دَعَاهُ اجابه كَبِيرا كَانَ اَوْ صَغِيرا وَكَانَ المتظلم من الرّعية يجفو عَلَيْهِ ويفحش لَهُ بالْقَوْل وَهُوَ أَمن من غَضَبه وَمَتى استدعى الى مجْلِس الحكم حضر وَلم يُوكل كَمَا يفعل الْجَبَابِرَة وان كَانُوا اصاغرا ثمَّ كَانَ مَتى حضر قعد بَين يَدي الْحَاكِم تواضعا ودخولا لأوامر الشَّرْع وليقتدى بِهِ من سواهُ وَكَانَ محبا للفضلا وَالْعُلَمَاء وان مَتى عَاد بعد الرّكُوب وصل الى دَار السُّلْطَان وَيدخل فَيسلم ثمَّ يقف بِبَاب السُّلْطَان فَيَقْضِي حوائج النَّاس على أكمل الاحوال ثمَّ كَانَ وَقت الغدا ذهب الى بَيته فَقعدَ فِيهِ حَتَّى الزَّوَال ثمَّ يخرج الى الْمَسْجِد فَلَا يشْتَغل بِشَيْء بعد الْفَرِيضَة غير المسندات الصَّحِيحَة عَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى الْعَصْر فيصليه وَيدخل دَاره يقْعد حَتَّى الْغُرُوب ثمَّ يخرج الى الْمَسْجِد فاذا صلى الْمغرب تناظر الْفُقَهَاء بَين يَدَيْهِ حَتَّى الْعشَاء فيصليه وَرُبمَا يُطَالب المناظر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015