فاكترى دَابَّة من بعض قرَابَة الشَّيْخ إِلَى مَوضِع غَرَضه وسافرا مَعًا بِشَيْء من اللَّيْل فداخل المكرى الطمع فعزم على قتل الْجَار اسْتِخْفَافًا بِهِ وظنا انه لَا يوخذ لَهُ ثار لغربته فَقتله واخذ مَا مَعَه ثمَّ عَاد الْقرْيَة مكتما بالْخبر فَبلغ الْفَقِيه ذَلِك فتعجب مِنْهُ وَسكت حَتَّى كَانَ يَوْم وعد وَصَارَ النَّاس مُجْتَمعين بِالسوقِ وَفِيهِمْ الْقَاتِل وَحضر الْفَقِيه السوقوحين اسْتَوَى السُّوق واخذ بالزحام امْر الْفَقِيه بربط الْقَاتِل فَربط ثمَّ ضرب عُنُقه وسط السُّوق فَهَذَا وفاؤه واما حسن جواره فمعروف من هَذَا الْخَبَر وَكَانَ يذكر بالجود والشجاعة وَله فِي المظفر مدائح كَثِيرَة وصنف كتبا عدَّة فِي الادب ينْتَفع بهَا ويعتمد عَلَيْهَا هِيَ من احسن مَا صنف اهل الْيمن فِي ذَلِك فِي الْعرُوض والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك وَمن شعره مَا قَالَه فِي مدح السَّوْدَاء وَلم أحفظ غَيره وَهُوَ ... اعدلي حَدِيثك يَوْم الْكَثِيب ... وسلي بِهِ عَن فوادي الكئيب
عَشِيَّة سُودًا قد اقبلت ... تسارقني لحظها من قريب
وَقد امنت رصدة الكاشحين ... وَسمع الوشاة وَعين الرَّقِيب
بَدَت ضبية من خلال الْبيُوت ... تجرجر فضل الرِّدَاء القشيب
فخاطبتها فرْصَة العاشقين ... بِلَفْظ البرى ولحظ الْمُرِيب
ارتنا القنا والنقاء مائلا ... فوام الْقَضِيب وردف الْكَثِيب
مولدة من بَنَات الموال ... كَمثل الغزال الْغَرِيب الربيب
فان لامني النَّاس فِي حبها ... فَمَا لائمي ابدا بالمصيب
يَقُولُونَ سُودًا وَمَا انصفوا ... وَمَا ذَاك لَو انصفوا بالمعيب
لَوْلَا السوَاد وَمَا خصّه بِهِ الله ... من حسن سر عَجِيب
لما كَانَ يسكن وسط الْعُيُون ... وَلَا كَانَ يسكن وسط الْقُلُوب ...