وَالنَّفس تنازعني وتطالبني بِالْعَادَةِ فامرت باحضار شيى مِنْهُ وَلما صَار الكاس بيَدي مملوأ واهويت بِهِ الى فمي اذ بِضَرْب فِي ظَهْري بسياط كانها من نَار ثمَّ كشف عَن ظَهره فرأيته محبللا قَالَ
فَلم يُمكن حِين أحرقني ذَلِك الا ان رميت الكأس من يَدي وركضت الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ الْخمر حَتَّى انْكَسَرَ وامرت على النَّاس صايحا ينهاهم عَن الشّرْب ويامرهم باهراق مَا مَعَهم حسما للمادة قَالَ الْمخبر وَهُوَ ابراهيم بن مُحَمَّد الماربي الَّاتِي ذكره وَخرجت مرّة من ذِي عقيب قَاصِدا زِيَارَة هَذَا عبد الْوَهَّاب فمررت أَنا وَصَاحب لي يعرف بسبا كَانَ ذَا دين وورع بمصنعة سيرفد عانا الْقُضَاة الى طعامهم وَقت العشا فرحنا مَعَ الدَّاعِي وتعشينا مَعَهم ثمَّ لما اصبحنا ازعجني صَاحِبي وَقَالَ نسافر فَقلت إِلَّا ترجو الغدا فَقَالَ لَا حَاجَة لنا بِهِ وهم بمفارقتي وَلم نَكُنْ نمر بالمصنعة الا لحَاجَة لي فانقضت حِين وصلنا ثمَّ خرجنَا فَلم نزل نسير حَتَّى وصلنا الظفر حصن هَذَا الرجل فالتقنا وَسلم علينا وانزلنا نَاحيَة من دَاره واتانا بِشَيْء من الطَّعَام فَامْتنعَ صَاحِبي عَن أكله فشق بِي ذَلِك وَلم أدر مَا الْقِصَّة ثمَّ امسينا وَلم يَأْكُل شَيْئا واراد الشَّيْخ ان يكرههُ على الاكل فمنعته عَن ذَلِك فَلَمَّا نمنا بعض نوم اذ بِهِ يوقظني وَيَقُول انْظُر لي طَعَاما وَكَانَ من عَادَة الشَّيْخ ان يفتقد الضَّيْف بعد هجعة بِشَيْء من الطَّعَام فَنحْن على الحَدِيث وانا الومه على ترك الطَّعَام اذ بالشيخ قد اقبل بِالطَّعَامِ فاكلنا اكلا جيدا فَقلت لَهُ يَا عجباه امْتنعت اول اللَّيْل عَن الاكل ثمَّ اكلت الان فَمَا حملك على ذَلِك فَقَالَ رَأَيْت لَيْلَة امسينا مَعَ الْقُضَاة وتعشينا مَعَهم انه أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فجر برجلي وادلاني الى مَوضِع شبه الْبِئْر يتوهج نَارا وَهُوَ يَقُول لي عَادَة تَأْكُل خبز الْقُضَاة وانا اقول لَا اعود لَا اعود فَقَالَ احْلِف على ذَلِك فاحلفني ايمانا مغلطة فَلَمَّا اصبحت كَانَ مني مَا رَأَيْت ثمَّ لما وصلنا هَذَا الرجل قلت اذا كَانَ هَذَا فعله معي فِي اكل خبز الْقُضَاة