هَذَا عمر فَبَدَأَ بالتفقه على فُقَهَاء بَلَده المخادر ثمَّ ارتحل الى زبيد فتفقه باحمد بن سُلَيْمَان وَغَيره ودرس مُحَمَّد بن ميكائل بمدرسته الَّتِي انشأها بِمَدِينَة زبيد وَهُوَ فَقِيه فَاضل بالفقه والاصول وَله شرف نفس وعلو همة
وَقد انْقَضى ذكر فُقَهَاء المدينتين لم يبْق الا نواحيهما
فابدأ مِنْهَا بالناحية الَّتِي اشْتهر فقهاؤها وَكثر صلحائها وهما نَاحيَة السحول والمشيرق وَقد ذكر ابْن سَمُرَة مِنْهُمَا جمَاعَة وَقد ذكرتهم كَذَلِك مَعَ مَا يثبت لي من زِيَادَة وَلم يبْق إِلَّا من تاخر عَن زَمَانه فابدأ حِينَئِذٍ بفقهاء السحول واعظم قراه قَرْيَة المخادر وَقد مضى ذكرهَا وَتَأَخر عَن زمن ابْن سَمُرَة جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْحسن عَليّ بن ابي بكر التباعي كَانَ فَقِيها صَالحا صَاحب كرامات عابدا متورعامتزهدا تفقه بِابْن سحارة وبابن عَمه عَمْرو بن حمير مقدم الذّكر وَكَانَ هَذَا الْفَقِيه كَبِير الْقدر غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة واتيانه النَّاس من الْبعيد للزيارة والتبرك حكى الثِّقَة ان الْفَقِيه سُفْيَان الابيني قدم عَلَيْهِ المخادر فحين سمع النَّاس بِهِ خَرجُوا للقائه الا الْفَقِيه فَقيل لَهُ الا تخرج للقائه فَقَالَ بَلغنِي انه يرقص مَعَ الصُّوفِيَّة وَلست أرى ذَلِك فَلَمَّا التقاه النَّاس سَأَلَهُمْ عَن الْفَقِيه اذ كَانَ لَا يعرفهُ فاخبرانه لم يخرج فَسئلَ عَن سبّ ذَلِك فَقيل بلغه انك مولع بالرقص وَكَانَ النَّاس بهم حَاجَة قَوِيَّة الى الْمَطَر مضطرين اليه فَقَالَ الْفَقِيه سُفْيَان بعد ان لزم راس دَابَّته اذْهَبُوا الى الْفَقِيه وخيروه بَين أَن يَلْقَانَا وعلينا حُصُول الْمَطَر اَوْ يقف ببيته وَنحن نصله وَعَلِيهِ حُصُول الْمَطَر فحين وصل الرَّسُول الى الْفَقِيه بَكَى وَخرج مسرعا فَلَمَّا تلاقيا تسالما واعتنقا بَعضهم بَعْضًا وبكيا وَلم يَسِيرا غير قَلِيل اذ بالغيث قد صب عَلَيْهِم كأفواه الْقرب وَلم يدْخل الاكثر من النَّاس الا مبتلا وَقد قدمت المخادر سنة ثَلَاثَة عشرَة وَسَبْعمائة لازور اخيارها وابحث عَن مناقبهم فاخبرني رجل مُؤذن من اهلها انه كَانَ يقْرَأ كل لَيْلَة شيئامن الْقُرْآن يهدي ثَوَابه لوالدته ثمَّ قدر عَلَيْهِ ان ترك ذَلِك مُدَّة فَرَأى والدته تعاتبه على ذَلِك وَتقول بِابْني سَأَلتك بِاللَّه لاقطعت الْقُرْآن وَالدُّعَاء كَمَا كنت تفعل فِيمَا مضى ثمَّ اشارت الى رجل وَاقِف بِالْقربِ مِنْهَا وَقَالَت يَا وَلَدي هَذَا الْفَقِيه على بن ابي بكر حمالتنا عَلَيْك لَا قطعتنا مَا كنت تهديه