بمغالطة الْحَاضِرين قَالَ الْمخبر فَلَمَّا خرج الْحَاضِرُونَ عَن مجْلِس الْفَقِيه قلت لَهُ يَا سَيِّدي سُبْحَانَ الله الْعَظِيم نَحن محبوكم وصحبناكم وَيحصل لكم هَذَا النَّصِيب الوافر وَلَا تشركونا فِيهِ وَلَا فِي بعضه فاراد الْفَقِيه غلاطى وانكار ذَلِك فَلم اقبل بل قلت سَأَلتك بِاللَّه يَا سَيِّدي إِلَّا مَا اخبرتني كَيفَ تَفْعَلُونَ هَل ذَلِك طيران اَوْ خطو ام مَا ذَاك فَقَالَ الْفَقِيه هُوَ شَيْء لَا استطيع تكييفه بل هُوَ قدرَة من قدر الله تَعَالَى يخْتَص بِهِ من يَشَاء من عباده وَبَلغنِي انه توفّي بتاريخ سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة بعد بُلُوغ عمره ثَمَانِينَ سنة وكل ذَلِك على طَرِيق التَّقْرِيب وَمِمَّا يذكر من الكرامات بعد مَوته ان رجلا من اصحابه وشركاء ارضه حصلت عَلَيْهِ اذية من بعض نواب الشَّيْخ الْفضل بن عواض الْمليكِي فَذهب الى تربة الْفَقِيه سعيد والتزمها وَبكى عَلَيْهَا وَجعل يَقُول يَا فَقِيه اتعبنا الْفضل واصحابه وظلمونا وَجعل يعدد ذَلِك عِنْد قَبره مَا يعْملُونَ من القبائح مَعَهم وَذَلِكَ ان بلد الْفضل على قرب من نَاحيَة دلال وَالْفضل اذ ذَاك بتعز عِنْد المظفر وَكَانَ قد دخل عَلَيْهِ واكرمه وامر ان يكْتب لَهُ بعوائده فَكتب الْكتاب بهَا وَلم يفرغ الا عشيا فادخلت على السُّلْطَان وباتت عِنْده وَلما انتصف اللَّيْل اسْتَيْقَظَ الْفضل وامر غلمانه بالشد وَالسّفر فَقيل لَهُ الا تصبر حَتَّى تَأْتِيك خطوط السُّلْطَان فَقَالَ لَا حَاجَة لي بهَا اذا خرجت لحقتنا فَقَالَ لَهُ بعض خواصه سَأَلتك بِاللَّه يَا شيخ مَا حملك على الْخُرُوج فِي هَذَا الْوَقْت من غير مُرَاجعَة السُّلْطَان فَقَالَ رَأَيْت الْفَقِيه سعيد بن مَنْصُور قد لزمني واضجعني وذبحني فانا لَا محَالة هَالك ثمَّ اخذ فِي السّير فَلم يصل جبلة الا وَقد اعتقل لِسَانه فَحمل على اعناق الرِّجَال وطلع بِهِ جبل بعد أَن فَتوفي هُنَالك وَحمل الى بَلَده مَيتا فَلَمَّا صَارُوا بِهِ الى الْبَلَد وَدفن سَأَلَ صَاحبه الَّذِي علم مِنْهُ بِحَدِيث الْفَقِيه سعيد هَل جرى لأحد من غلْمَان الشَّيْخ الْفضل مَعَ اُحْدُ من أهل قَرْيَة الْفَقِيه شَيْء فَقيل لَهُ نعم فلَان نَائِب الشَّيْخ فعل بِشريك الْفَقِيه سعيد مَا هُوَ كَذَا وَكَذَا فَبلغ الى قبر الْفَقِيه سعيد بن مَنْصُور وَالْتَزَمَهُ وَبكى عِنْده فَقَالَ لم يرد الْفَقِيه الانتصاف الا من الشَّيْخ لَا من غَيره
وَقد عرض مَعَ ذكره رجلَانِ من الاعيان يتطلع الانفس الى معرفَة احوالهما