تَاج والملوك حذا غضب عَلَيْهِ وَقَالَ تمدح بدويا بِمثل هَذَا ثمَّ أوصى النَّائِب بعدن مَتى قدم التَّاجِر عَلَيْهِ أوصله إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ فَلَمَّا قدم عدن احتاط على مَا مَعَه وأقدمه على سيف الْإِسْلَام فَلَمَّا استحضره ووقف بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ كَيفَ تَقول هُوَ تَاج والملوك حذا قَالَ لم أقل بخفض الْحَاء وَإِنَّمَا فتحتها فأعجب سيف الْإِسْلَام وَأَعَادَهُ مكرما وَكَانَ قد عَاد الثغر من عدن إِلَى مرباط فَأخْبرُوا السُّلْطَان المنجوي بِمَا جرى على التَّاجِر وَأَنه مُودع فِي السجْن قد حيل بَينه وَبَين مَاله فَبعث مَعَ السّفر بمركب آخر وَقَالَ يتْرك لَهُ مَعَ بعض عدُول الْبَلَد يُنْفِقهُ مِنْهُ ويكسوه مَا شَاءَ حَتَّى يَأْتِيهِ الله بالفرج فَلم يصل السّفر إِلَى عدن إِلَّا وَقد سلم إِلَيْهِ مَاله فَسَلمُوا إِلَيْهِ الْمركب وشحنه فَكتب نَائِب سيف الْإِسْلَام بعدن إِلَيْهِ يُخبرهُ فَعجب من ذَلِك وَقَالَ يحِق لمادح هَذَا أَن يَقُول فِيهِ مَا شَاءَ وَكَانَت وَفَاته يَعْنِي السُّلْطَان على طَرِيق مرض من العفاف وَالْعدْل بعد سِتّمائَة وقبره بَين مرباط وظفار
ذكر الثِّقَة أَنه كثير مَا يسمع من قَبره قِرَاءَة الْقُرْآن وَلم يتْرك عقبا وَلَا بَقِي فِي أَهله كَامِل وَكَانَ مُحَمَّد بن أَحْمد الحبوضي يتجر لَهُ فَقَامَ بِالْملكِ وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك إِن شَاءَ الله وَبَلغنِي لهَذَا الْملك قصَّة حَسَنَة فَكرِهت إهمالها لِأَن المؤرخين يَقُولُونَ من ذكر إنْسَانا وَله منقبة لم يذكرهَا ظلمه وَذَلِكَ أَن الْفَقِيه الْمخبر قَالَ أَخْبرنِي من أَثِق بِهِ عَن من يَثِق بِهِ أَن جمَاعَة من أَعْيَان حضر موت تجهزوا من بلدهم لقصد هَذَا المنجوي بِهَدَايَا تلِيق بأحوالهم فصحبهم فَقير فسمعهم يذكرُونَهُ بِالْكَرمِ والإنسانية ثمَّ ذكر كل مِنْهُم مَا وصل بِهِ فاجتنى الْفَقِير ضغثا من أسوكة عَددهمْ سَبْعَة وَجعله حزمة فَلَمَّا دخل أهل الْهَدِيَّة مرباط وَأذن لَهُم فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَدَخَلُوا والفقيه من جُمْلَتهمْ فَسَلمُوا وَوضع الْفَقِير الأسوكة بَين يَدَيْهِ ثمَّ أنْشد ... جعلت هديتي لكم سواكا ... وَلم أقصد بهَا أحدا سواكا
بعثت إِلَيْك ضغثا من أَرَاك ... رَجَاء أَن أَعُود وَأَن أراكا ... ثمَّ أَمر السُّلْطَان أَن تخلى لَهُم بيُوت وللفقير مثلهم وَبعث للْفَقِير بجاريتين ووصيف يخدمونه مُدَّة إِقَامَته وَكَذَلِكَ كَانَ يفعل لكل ضَعِيف يصله ثمَّ عزم الْفَقِير على السّفر فَاسْتَأْذن وَذَلِكَ فَأذن لَهُ بعد أَن أَمر السُّلْطَان من عد الأسوكة الَّتِي جَاءَ بهَا