مر بهم فِي ثَانِي يَوْم أَو ثالثه فظنوا أَن النَّاس عمِلُوا لَهُم طَعَاما فِيهِ منجا وأشاعوا ذَلِك حَتَّى استطار فِي الْعَرَب ثمَّ مر بعدهمْ بعرب آخَرين وَقد صَار على مرحلَتَيْنِ من مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأرادوا مصارعة الْقَافِلَة أَيْضا وَكَانُوا فِي حرَّة ذَات أَحْجَار متقشفة لَا يقدر أحد على الانحطاط عَلَيْهَا فحير الْقَافِلَة والفقيه فِي السَّاقَة وَتلك عَادَته حَتَّى إِذا مر بمنقطع أَمر بِزَوَال انْقِطَاعه إِمَّا يَسْتَقِي مَاء أَو يحمل حملا أَو غير ذَلِك وَبقيت الْقَافِلَة متحيرة واقفة بالشمس حَتَّى كَاد يهْلك مِنْهُم خلق كثير والفقيه مطرق سَاكِت فضجر الشَّيْخ على ابْن نعيم وَأمر الْجمال أَن تعدل بمحمله عَن الطَّرِيق ويقتاده إِلَى حَيْثُ الْفَقِيه والفقيه وَاقِف فَلَمَّا دنا من الْفَقِيه قَالَ يَا سَيِّدي الْفَقِيه إِلَى كم يكون هَذَا الْوُقُوف فَقَالَ لَهُ يَا شيخ عَليّ تأدب هَذَا الرب وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاء وَهَذَا النَّبِي وَأَشَارَ إِلَى قدو الْمَدِينَة فاستحى ابْن نعيم وَعَاد مسرعا إِلَى مقَامه الَّذِي كَانَ فِيهِ أَولا ثمَّ لما طَال الْوُقُوف عَلَيْهِم أَمر الْفَقِيه النَّاس أَن ينزلُوا فنزلوا بموضعهم وَسَهل الله عَلَيْهِم النُّزُول فِيهِ ووطأه لَهُم فَلَمَّا أقبل الْعشَاء أَو وَقت الْعشَاء أَمر الْفَقِيه الدَّلِيل أَن يجمع طَعَاما للْعَرَب يتعشونه فَلَمَّا وصلهم بِهِ قَالُوا تُرِيدُونَ أَن تمنجونا كَمَا منجتم بني فلَان ثمَّ باتوا محارسين وحطو محطة بأولادهم ومواشيهم فِي مُقَابلَة قافلة الْفَقِيه ينتظرون غَفلَة من الْقَافِلَة ويفتكون بهَا نهبا فَبَاتَ النَّاس على حذر وراجع الْفَقِيه الْعَرَب من أول مَا أَمْسكُوا الْقَافِلَة على أَنهم يقبلُونَ مَا يَلِيق بِحَال أهل الْقَافِلَة فَأَبَوا

قَالَ الْمخبر فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي أصبح الْعَرَب يناوشون النَّاس ويتهددونهم طلبا للشر والفقيه يَأْمُرهُم بِالصبرِ وَالِاحْتِمَال وَقد صلى الصُّبْح وَصَارَ يذكر الله تَعَالَى فَمَا كَادَت الشَّمْس تطلع رُمْحَيْنِ أَو ثَلَاثَة حَتَّى سَمِعت طبلخانة قد أَقبلت من قدو الْمَدِينَة ثمَّ بعد سَاعَة ظَهرت وَمَعَهَا عَسْكَر جرار فحين رَأَوْا البدو حملُوا عَلَيْهِم وَقتلُوا ونهبوا وأسروا وَسبوا حريمهم وَأَوْلَادهمْ فَحِينَئِذٍ شدت الْقَافِلَة وسارت ثمَّ سُئِلَ الْعَسْكَر عَن مُوجب خُرُوجهمْ وغارتهم فَقَالُوا لما كَانَ هاجرة أمس سمعنَا بِالْمَدِينَةِ مناديا يُنَادي أَن الْعَرَب قد اعترضت ابْن عجيل وقافلته فالغارة الْغَارة مَأْجُورِينَ فَأمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015