وَعبد الرَّحْمَن فَلَمَّا طابت ذؤال عَاد الْفَقِيه إِلَى الْمدرسَة وبقيا بهَا إِلَى أَن مَاتَا وَكَانَ إِمَامًا من أَئِمَّة الْمُسلمين وعمدة الْمُتَّقِينَ وقدوة للورعين والمتزهدين لم يكن فِي الْفُقَهَاء الْمُتَأَخِّرين من هُوَ أدق نظرا فِي الْفِقْه وَلَا أعرف بِهِ مِنْهُ غواصا على دقائقه أجمع على تفضيله الْمُخَالف والمؤالف لم أعلم أَن أحدا أمترى فِي صَلَاحه من الْمُسلمين بِهِ تفقه جمَاعَة كثير من نواح شَتَّى وَكَانَ مبارك التدريس دَقِيق النّظر فِيهِ وحواشيه على الْمُهَذّب والتنبيه وَغَيرهمَا من كتب الْفِقْه تدل على ذَلِك وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ شَيخنَا أَبُو الْحسن الأصبحي حِين سُئِلَ عَن شَيْء من مَعَاني كَلَامه على بعض مشكلات الْمُهَذّب فَأجَاب على ذَلِك وَبَينه ثمَّ أثنى عَلَيْهِ وَقَالَ مَا مثلنَا هَذَا الإِمَام إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو حَامِد الإسفرائيني فِي حق ابْن سُرَيج نَحن نجري مَعَ أبي الْعَبَّاس فِي ظواهر الْفِقْه دون دقائقه

وَكَانَ صَاحب كرامات كَثِيرَة مَشْهُورَة يظْهر مِنْهَا مَا يظْهر عَن كره مِنْهُ وَكَانَ أَكثر النَّاس لَهَا كتمانا وَكَانَت الْمُلُوك تصله وتزوره وتتبرك بِهِ وَتقبل شَفَاعَته وتعظمه ويريدون مسامحته فِيمَا يزرعه فيأبى وَيَقُول أكون من جملَة الرّعية الدفاعة ويسألونه قبُول شَيْء من أَمْوَالهم إِمَّا لنَفسِهِ أَو يفرقه على من يرَاهُ مُحْتَاجا فَلَا يقبل مِنْهُم وَله كرامات كَثِيرَة مَعَ أَنه كَانَ قل أَن يظْهر مِنْهُ وَذَلِكَ مَا أَخْبرنِي وَالِدي عَن بعض ثِقَات أَصْحَابه قَالَ حَضَرنَا مَعَه جمَاعَة فتذاكرنا كرامات الصَّالِحين وَرُبمَا عنيناه على عدم ذَلِك فضربنا لَهُ مثلا بِأَهْل عواجة وبإسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَمن ماثلهم فَقَالَ لكل ولي إِنَاء ملآن وَمَا ظهر من كراماته فَهُوَ بعض من الْإِنَاء وَأحب ألْقى الله بِإِنَاء ملآن

وَأَخْبرنِي الثِّقَة عَن بعض كرامته أَنه حج فِي بعض سني حجاته فَخرج عَلَيْهِم عرب وَأَرَادُوا نهبهم وَكَانَ مَتى حج حج مَعَه خلق كثير من أهل الْيمن تبركا بِهِ وأنسا فَلَا يكَاد يتَعَرَّض لَهُم أحد بِسوء وَإِن تعرض لم يفلح فَلَمَّا هم الْعَرَب بنهبهم أَمر الْفَقِيه مناديا أَن يُنَادي أَن تحط الْقَافِلَة فحطت فَقَالُوا نبيع ونشتري مَعَهم يَوْمَيْنِ ثَلَاثًا ثمَّ ننهبهم بعد ذَلِك ثمَّ لما كَانَ اللَّيْل ألْقى الله على الْعَرَب النّوم فَنَامُوا على آخِرهم وَلما تهور اللَّيْل أَمر الْفَقِيه النَّاس بالرحيل فارتحلوا وَالْقَوْم نيام فَلم يوقظهم إِلَّا بعض من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015