المخالفة لنزعته ورغبته التي أراد أن يحمل الناس عليها ظلماً وعلواً، وهكذا جعل خاتمة رسالته الاستنجاد بالعلماء من أهل مصر والشام، وبرجال المجلس الإسلامي في القدس الشريف، أملاً بأن يتمَّ له ما تمنَّاه، وأجهد نفسه للوصول إليه، وهيهات! فإنَّ العلماء علماء لا يميلون مع الهوى، ولا ينظرون إلى السِّوى، وإن الحقَّ رائدُهم، ونصرة الحق بغيتهم، ولو أنه كلما خطر لإنسان خاطر يؤيدونه فيه ويجارونه على ما يرتضيه، لما بقي للحق أثر، ولعمَّت الفوضى، وزاد الخطر، كيف والعلماء ورثة الأنبياء؟ يحيون ما أمات الجاهلون من سنن الهدى، ويكشف الله بهم عن الأمة غياهب الرَّدى، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويا حبذا لو يحكم العلماءُ في مسألة الجنازة، وبقية المسائل التي نازع فيها الخصم العنيد؛ ليظهر الحقُّ، ويزهق الباطل.

وأهمُّ شيء يجب انتباه علماء العصر إليه: أشباه تلك الواقعات، وتوضيح أحكام الشَّريعة فيها، ليعود للدِّين مجدُه، وللإسلام زهرتُه، وليقف المجازفون في الملَّة السَّمحة عند حدِّهم، ولا يطمعوا في إغواء غيرهم، ويكون في ذلك الأمن من استشراء داء المبشِّرين؛ لأنَّ المسلمين متى وقفوا على معالم الشرع الصَّحيحة، لا يمكن أن يلتفتوا إلى السَّفاسف، ولا أن يعتنوا بالزَّعانف، والله يعلم أننا ما قصّرنا في مقاومة التّيّارين، دون أن تأخذنا في الله لومة لائم، وإنَّ ذلك هو الذي هيَّج علينا خزيران وأضرابَه مِن جنود المتمسكين بالمحافظة على إرضاء العامة، ومناوأة الخاصة، وإنّا لهم لبالمرصاد، والله مِن ورائهم محيط، والحمد لله أولاً وآخراً، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد المعصوم مِن الخطأ والزلل، وعلى آله وأصحابه والتَّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ونستغفر الله العظيم مِمّا طغا به القلم» (?) .

فباعث المصنِّفين على التأليف نصرة الحق بالعدل، ورد أكاذيب راجت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015