نفسه قد شعر بالخطأ الذي وقع فيه حينما وصف أيبك بالضعف في كتابه النجوم الزاهرة، إذ أنه عاد واستدرك ذلك في كتابه الآخر: المنهل الصافي، فمدح أيبك فيه ووصفه بالديانة والصيانة والعقل والسياسة، وأنه انقذ دولة المماليك من خطر محقق، وإذا تناولنا المشاكل والمصاعب التي واجهت السلطان أيبك، نجد أنها تتمثل في تهديدات الايوبيين والصليبيين في الخارج، وفي ثورات الاعراب في الداخل ثم خطر زملائه المماليك في داخل البلاد وخارجها (?).

1 ـ الخطر الايوبي والصليبي

1 ـ الخطر الايوبي والصليبي: رفض أمراء بني أيوب الاعتراف بالنظام الجديد في مصر، وانسلخت عنها دمشق والكرك والشوبك والصبية وغيرها من ممتلكاتها التابعة لها في الشام وأصبح في الشرق الأوسط الإسلامي قوتان متنازعتان، ولايات الشام ويهيمن عليها الأيوبيون، ومصر ويحكمها المماليك، وقد اعتبر الأيوبيون أنهم أصحاب السلطة الشرعية وأن المماليك دخلاء عليهم، وأنه لا بد من اتخاذ إجراء حاسم لإعادة المياه إلى مجاريها (?)، وشنوا حملة أعلامية مركزة على المماليك وقالوا بأنهم هم الذين سمحوا للملك الفرنسي بالخروج من مصر حياً طمعاً في الفدية التي أعطاها لهم وتلك التي تعهد بدفعها، وأنه لولا جشعهم لما أفلت لويس من قبضة المسلمين (?)، ولما توجه إلى الإمارات اللاتينية في الشام عمل على بث الخلاف وإثارة الفتن والقلاقل في الشرق الإسلامي، وأما المماليك البحرية فقد وجدوا أنهم أصحاب الفضل الأول في إحراز النصر على لويس والتنكيل به وبقواته على ضفاف النيل، وأنه لولا اجتهادهم في المنصورة وفارسكور ما تم النصر للمسلمين (?)، حتى وصفهم ابن واصل بأنهم كانوا داوية الإسلام (?)، ودافعوا عن اتهام الأيوبيين لهم بإخلاء لويس طمعاً في ماله، بأنهم كانوا يخشون إن قتلوه أو أبقوه في الأسر أن تثور ثائرة العالم المسيحي ويقوم بحملة صليبية جامعة ضد المسلمين قد لا يستطيعون دفعها (?)، خاصة وأن لويس لم يكن محبوباً في فرنسا، فحسب وإنما في أمم الغرب الأوروبي والشرق اللاتيني أيضاً، ثم هم لم ينسوا بعد مااقترفه "تورانشاه" ابن مولاهم الصالح أيوب في حقهم وفي زوجة أبيه شجرة الدر من إساءات، كان من الضروري وضع حد لها قبل أن يفلت الزمام من أيديهم ويبطش (?)

بهم، وأنهم بتخلصهم منه إنما انقذوا مصر من مفاسده ومباذله، ولذا فهم يرون أنهم أحق بالملك من غيرهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015