واستمرت العلاقات الجيدة بين عماد الدين زنكي وبين الهكاريين حتى عام (537هـ/1142م) إذ توفي في ذلك العام أبو الهيجاء فدبت الفوضى في إمارته بسبب النزاعات الأسرية وبرز في هذه الصراعات باو ألا رجي، نائب أبي الهيجاء في حكم الإمارة الذي ساند الطفل علي بن الهيجاء ليهيمن من خلاله على شؤون الإمار ويحكم باسمه، في حين ساند عماد الدين زنكي أخاه أحمد (?)، ونجح عماد الدين زنكي في ضَّم قلعة آشب بعد أن هزم باو وأنصاره، ثم غادر المنطقة عائداً إلى الموصل بعد أن ترك فيها نائبه نصر الدين جقر ليتم ما بدأه بضَّم منازل الهكارية، فاجتاح هذا القائد القلاع المتبقية وسيطر على المنطقة (?)،

واستطاع عماد الدين زنكي بهذه الانتصارات أن ينهي أعمال الفوضى والفساد في المنطقة، فحل الأمن في ربوعها وعاد نفعه قبل كل أحد على الأكراد أنفسهم، الذين تخلصوا من المنازعات الداخلية على ما يظهر، واتجهوا إلى الانتاج ثم ما لبث عماد الدين زنكي أن أصدر أوامره ببناء قلعة العمادية - نسبة إلى اسمه (?) - على أطلال حصن قديم كان الأكراد قد خربوه لعجزهم عن الدفاع عنه (?) ويبدو أن زنكي أراد اتخاذ هذه القلعة قاعدة عسكرية للدفاع والتموين في حالات التمرد التي قد يقوم بها الأكراد ضد ممتلكاته هناك، ونقطة انطلاق لتوسيع نفوذه في المنطقة (?).

4 - الأكراد المهرانية: بدأ عماد الدين زنكي هجماته على الأكراد المهرانية في عام 537هـ/1142م والجدير بالذكر أن هذه الفئة تقطن عدداً من القلاع المنتشرة في المنطقة الجبلية المتاخمة لجزيرة ابن عمر، وأهمها كواشي الواقعة في جبال الجودي، شرقي نهر دجلة، والزعفراني، والشعباني وغيرها (?) والواقع أن ضمَّ المنطقة الخاصة بالمهرانية يُعد خطوة متممة لضَّم المنطقة الخاصة بالهكارية، بفعل تجاورهما، فبعد أن انتهى عماد الدين زنكي من ضَّم المنطقة الثانبة انتقل إلى ضَّم المنطقة الأولى. واستطاع أن يفرض سيطرته على عدة قلاع، منها المذكورة أعلاه وألقت هذه الانتصارات السريعة الرعب في قلوب حاميات القلاع الأخرى المجاورة مما دفعها إلى طلب الأمان، وخضعت لحكم عماد الدين زنكي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015