حد لتدهور الأوضاع على الرغم من أنه عقد هدنة مع جوسلين الثاني تنازل له بموجبها عن بعض المناطق الزراعية المحيطة بالجهات الغربية لحلب (?)، لكن، يقظة عماد الدين زنكي أفسدت على الجميع خططهم ومشاريعهم وقد سعى إلى ضَّم حلب بوصفه يملك منشوراً من السلطان السلجوقي بحكم الموصل والجزيرة وبلاد الشام، ومهَّد لخطواته هذه بإرسال الرسل إليها حتى يشرحوا لسكانها أحقيته في تولي أمورها، كما أرسل حاجبه الياغسياني لتنظيم أمورها الإدارية وتمهيد الطريق له لدخولها، ثم غادر الموصل في طريقه إليها وضّم في طريقه بزاعة (?)، ومنيح، ولما وصل إلى مشارف المدينة في شهر جماد الآخرة عام 522هـ شهر جزيران عام 1128م خرج سكانها لاستقباله آملين ببدية عهد جديد من الأمن والاستقرار بعدما سئموا من الفوضى التي سادت مدينتهم، فدخل القلعة وبدأ بتنظيم أمورها، وأقطع أعمالها لأمرائه وأجناده (?) وحتى يثبت أقدامه في حلب ويقطع الطريق على المفسدين ضايق عماد الدين زنكي زعماء المدينة المعارضين لحكمه وذوي المصالح القديمة فيها، فقضى على بعضهم وفَّر البعض الآخر من وجهه، فقتل قتلغ أبه، وفَّر إبراهيم بن رضوان ابن تتش إلى نصيبين وغادر سليمان بن عبد الجبار المدينة والتجأ فضائل بن بديع رئيس حلب السابق إلى قلعة جعبر القريبة من حلب (?).
وبذلك تحققّت الوحدة بين الموصل وحلب، مرة أخرى وحصل عماد الدين زنكي على موقع هام، وأمن جانب المعارضة، وتهيأت له الفرصة للتدخل في الأوضاع السياسية لبلاد الشام لتوحيد صفوف المسلمين ومجابهة أخطار الصليبيين، كما أدَّى ذلك إلى عزل إمارة الرها عن بقية الإمارات الصليبية في الغرب والجنوب (?).
1 - سنجار والخابور: لم يتعرض زنكي - حين توجهه إلى حلب - للمدن والحصون الواقعة على الطريق بينها وبين الموصل، إذ كانت الظروف تستدعي منه أن يضع يده على حلب أولاً، ثم ينطلق لغرض سيطرته على المواقع الأخرى من أجل تأمين الطريق إلى الشام وما أن أقّر الأوضاع في المدينة المذكورة حتى اتجه في أواخر عام 522هـ للاستيلاء على سنجار والمناطق المجاورة (?) وفرض الحصار عليها، إلا أن أهاليها امتنعوا عليه، وإذ لم يروا من مقاومتهم جدوى إزاء إصرار زنكي على اقتحام المدينة، اضطروا إلى مصالحته وتسليم