في الموصل، الذي أقطع أربل وعقر الحمدية وأعمالها ومن المرحج أنه أناب عنه فيهما من يدير شؤونهما، بدليل عدم مغادرته الموصل إلى إقطاعه في أربل إلا
عام 563هـ (?).
وتشير الروايات إلى أن نور الدين محمود ابن زنكي أدخل نظام التوريث في الإقطاع، إذ كان: من آرائه الحسنة ما كان يعتمده في أمر أجناده، فإنه كان إذا توفي أحدهم، وخلف ولداً ذكراً، أقر الإقطاع عليه. فكان الأجناد يقولون: هذه أملاكنا يرشها الولد عن الوالد، فنحن نقاتل عليها وكان ذلك من أعظم الأساب لصبر الجند في الحروب بين يديه (?). وقد رجح الدكتور عماد الدين خليل أن زنكي سبق ابنه في إدخال هذا النظام، إذ هنالك سابقة من عهده تُشير إلى هذا الاتجاه الجديد في نظام الإقطاع، وذلك عندما قام بنقل طائفة من التركمان مع أميرهم الياروق إلى الشام؛ وأسكنهم بولاية وأمرهم بجهاد الفرنج، وملكهم كل ما استنقذوه من البلاد التي للفرنج وجعله ملكاً لهم، فكانوا يغادون الفرنج بالقتال ويراوحونهم وأخذوا كثير من السواد (?)، وسدوا ذلك الثغر العظيم، ولم يزل جميع ما فتحوه في أيديهم إلى نحو سنة 600هـ. ولا شك أن زنكي، أدرك، كما أدرك ولده من بعده مدى النتائج الإيجابية التي يمكن أن يؤدي إليها نظام التوريث هذا، وأهمها إخلاص جنده له، واستماتتهم في القضاء على ما يهدد إمارته من أخطار لما في ذلك من مصلحة لهم ولأولادهم الذين سيرثون إقطاعهم من بعدهم (?).
3 - نظام الإعداد القيادي (الأتابكية): وهي كلمة مشتقة من الكلمة التركية أتابك المركبة من المقطعين (أتا) بمعنى: أب و " بك " بمعنى أمير، وتعني " الوالد الأمير" وكان هذا اللقب يطلق على من يتولى تربية أبناء الملوك والسلاطين، ويرعى شؤونهم وكان الأتابك: هو الحاكم الأعلى في الأتابكية، وكان يلقب بالملك أيضاً، وله الإشراف على جميع شؤون المملكة أو الأتابكية، كما أنه يعد المسؤول الأول عن السياسية الخارجية، ومن حقه أن يعلن الحرب ويقود الجيوش، ويعين الولاة والقواد، فهو لذلك أشبه بالسلطان السلجوقي، كما أن له الحق في نقش اسمه على السكة، والدعاء له في الخطبة إلى جانب اسم الخليفة والسلطان (?).
وقد عرف عماد الدين زنكي بلقب (الأتابك) منُذ تعينه حاكماً على الموصل عام 521هـ، واشتهرت الإمارة التي أسسها باسم (أتابكية الموصل) والسلالة التي أعقبته في الحكم باسم الأتابكة،