العسكرية وكانت من أهم النتائج التي أسفرت عنها هذه الحملة تدهور العلاقات بين البيزنطيين والصليبيين، وعدم استطاعتهم القيام بعمل سريع ضد نشاط زنكي في المنطقة في السنين التالية، وقد انهمك عماد الدين بعد ذلك على اتمام خطته بتوحيد الجبهة الإسلامية، كي يكون أكثر قدرة على مجابهة الصليبيين وأشاد الشعراء بدفاع عماد الدين زنكي عن شيزر فقال ابن قسيم الحموى في مدحه:
بعزمك أيها الملك العظيم ... تَذِلُ لك الصَّعاب وتستقيم
ألم تر أن كلب الرُّوم لمَّا ... تًبيَّنَ أنه الملك الرحيم
فجاء يطبَّق الفلوات خيلاً ... كأن الجَحْفَل الليل البهيم
إلى أن قال:
أيلتمس الفرنجُ لديك عفواً ... وأنت بقطع دابرها زعيم
إذا خطرت سيوفك في نفوس ... فأوّل ما تفارقها الجسوم
واستطاع عماد الدين بفضل الله ثم بجهوده الميمونة أن ينتزع من الصليبيين إمارة الرها التي تأسست في الشرق الإسلامي سنة 491هـ/1097م بزعامة بدوين الأول وكان تحريرها في عام 539هـ وقد ساعد عماد الدين زنكي عوامل عديدة في فتح الرها من أهمها؛ تنامي حركة الجهاد الإسلامي حتى عصره وحصاد تجربة المسلمين في ذلك المجال، فلا ريب في أن
التجارب السابقة أثبت أن إمارة الرها مرشحة أكثر من غيرها لكي تكون أولى الإمارات الصليبية المعرضة للسقوط في أيدي قادة الجهاد الإسلامي حينذاك، وقد اجهدها أمر الإغارات المستمرة من جانب أمراء الموصل خلال فترة تزيد على أربعة عقود من الزمان على نحو مثل موتا بطيئاً لها إلى أن تم الاجهاز عليها في العام المذكور ويضاف إلى ذلك براعة عماد الدين العسكرية الذي فاجأ تلك الإمارة الصليبية بالهجوم، بعد أن أطمأن الصليبيون إليه وتصوروا أنه لن يهاجم فاستغل فرصة غياب أميرها جوسلين الثاني عنها ووجه لها ضربته القاضية التي انتهت بإسقاطها، وهكذا أثبت ذلك القائد الكبير أنه اختار التوقيت الملائم لذلك العمل العسكري العظيم لقد حقق عماد الدين زنكي بفتح الرها أهم إنجازاته التي قام بها ضد الصليبيين طوال مدة حكمه وكان لهذا النصر نتائج هامة في العالمين الإسلامي والنصراني ومن أهم تلك النتائج على الإجمال:
1 - تأكد للمسلمين أن حركة الجهاد الإسلامي وصلت سن الرشد وتجاوزت المراهقة السياسية والعسكرية دون أن يكون ذلك إجحاف بإنجازات القادة السابقين على زنكي