والسعي للدفاع عنها إذا ما فكر الخليفة بإرسال جيش للإستيلاء عليها، إذ كانت هدفاً لمحاولاته التوسعية (?)، غادر زنكي اصفهان إلى البصرة وباشر مهام منصبه، فأحسن معاملة أهلها واستطاع أن يخلصهم من هجمات الأعراب، وذلك عن طريق تنظيم دوريات عسكرية دائمة للقيام بهجمات مضادة على الأعراب ونصب الكمائن لهم، كما اهتم بالوقت ذاته، بأمور واسط وأخذ يمد السلطان باخبار العراق بحيث لم يخف على الأخير شيئاً من أموره، الأمر الذي زاد من تقديره لزنكي ومن إرتفاع منزلته عنده، ورشحه لمنصب شحنكية
العراق (?).
11 - الصراع بين الخليفة المسترشد والسلطان السلجوقي: في عام 519هـ تدهورت العلاقات بين الخليفة المسترشد والسلطان محمود الذي رأى نفسه مضطراً للتوجه إلى بغداد للحد من مطامح الخليفة وفرض سيطرته المباشرة على العراق. وكان الخليفة قد أرسل بعض جيوشه بقيادة عفيف الخادم للاستيلاء على واسط إلا أن زنكي تمكن من صده والانتصار عليه في المعركة التي دارت بين الطرفين عند مشارف واسط. وفي العشرين من ذي الحجة وصل السلطان إلى بغداد وأرسل إلى الخليفة يطلب منه إقرار الصلح فرفض الأخير طلبه، الأمر الذي أدى إلى نشوب القتال بين الطرفين وقد رأى السلطان أن يعتمد على زنكي في صراعه هذا فأرسل إليه يأمره بالحضور إلى بغداد على رأس قواته وأن يجلب معه ما يستطيع من زوارق حربية وسفن، فنفذ زنكي الأمر، وجمع عدداً كبيراً منها، أثر جولة قام بها في مناطق العراق الجنوبي لهذا الغرض، وبعد أن ملأها بالمقالة اتخذ طريقه إلى بغداد، وما أن بلغ الخليفة نبأ تقدم زنكي بقواته الحاشدة براً ونهراً، حتى أدرك أن ليس في طاقته الصمود طويلاً أزاء شروط السلطان، وأن بغداد مقبلة على حصار شديد في البر والنهر، فأرسل إليه يعلن موافقته على الصلح، ومن ثم دخل السلطان بغداد حيث تمت المصالحة وساد الوئام (?). وهكذا لعب زنكي دوراً حاسماً في وضع حد للصراع بين السلطان والخليفة والذي كان من المحتمل أن يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها (?).
12 - تولي عماد الدين شحنكية العراق: ولما أراد السلطان محمود الرحيل نظر فيمن يصلح أن يلي شحنكية العراق، وبغداد، ويأمن معه من الخليفة ويضبط الأمور فلم ير في امرائه وأصحابه من يصلح لسد هذا الباب العظيم ويرفع هذا الخرق من الاتساع وتقوى