ما لم يكن في اختلافهم إحالة معنى ما كان سوى كتاب الله أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يحل معناه, قال السخاوي في «فتح المغيث»: وسبقه لنحوه يحيى بن سعيد القطان فإنه قال القرآن أعظم من الحديث ورخص أن تقرأه على سبعة أحرف, وكذا قال أبو أويس سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث إذا أصبت معنى الحديث فلم تحل به حراما ولم تحرم به حلالاً فلا بأس به, واحتج حماد بن سلمة بأن الله تعالى أخبر عن موسى عليه السلام وعدوه بألفاظ مختلفة في شيء واحد كقوله: {بشهاب قبس} و {بقبس أو جذوة من النار} وكذلك قصص سائر الأنبياء عليهم السلام في القرآن وقولهم لقومهم بألسنتهم المختلفة وإنما نقل إلينا ذلك بالمعنى, وقد قال أبي بن كعب كما أخرجه أبو داود كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بـ {سبح اسم ربك} وقل للذين كفروا والله الواحد الصمد, فسمى السورتين الأخيرتين بالمعنى انتهى.
وكلام العلماء من الصحابة ومن بعدهم في جواز رواية الحديث بالمعنى كثير, وفيما ذكرته ههنا كفاية في الرد على من تقوّل على علماء الحديث وزعم أن اختلاف الروايات في الحديث ينفي عندهم صفة الصحيح والحسن.