مناسك الحج، وضحى وهذه السنة الحنيفية. الصفة الرابعة: قوله تعالى: {ولم يك من المشركين} أي: أنه عليه الصلاة والسلام كان من الموحدين في الصغر والكبر، وقد أبطل عبادة الأصنام والكواكب بقوله: {لا أحب الآفلين} (الأنعام، 76)

ثم كسر تلك الأصنام حتى آل الأمر إلى أنّ القوم ألقوه في النار وذلك دليل إثبات الصانع مع ملك زمانه، وهو قوله: {ربي الذي يحيي ويميت} (البقرة، 258)

. ثم طلب من الله تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى ليحصل له زيادة الطمأنينة. قال الرازي: ومن وقف على علم القرآن علم أنّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان غريقاً في بحر علم التوحيد. الصفة الخامسة: قوله تعالى:

{شاكراً لأنعمه} فإن قيل: لفظ الأنعم جمع قلة ونعمة الله تعالى على إبراهيم عليه السلام كانت كثيرة فلم قال: {شاكراً لأنعمه} ؟ أجيب: بأنه ذكر القلة للتنبيه على أنه كان لا يخل بشكر القليلة فكيف بالكثيرة. وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يتغدّى إلا مع ضيف فلم يجد ذات يوم ضيفاً فأخر غداءه فإذا هو بقوم من الملائكة في صورة البشر فدعاهم إلى الطعام فخيلوا له أنّ بهم جذاماً فقال لهم: الآن وجبت مؤاكلتكم شكراً لله على أنه عافاني وابتلاكم بهذا البلاء. الصفة السادسة: قوله تعالى: {اجتباه} أي: اصطفاه للنبوّة واختاره لخلقه. الصفة السابعة: قوله تعالى: {وهداه إلى صراط مستقيم} أي: وهداه إلى دين الإسلام لأنه الصراط المستقيم، والدين القويم، ونظيره قوله تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} (الأنعام، 153)

. الصفة الثامنة: قوله تعالى:

{وآتيناه في الدنيا حسنة} قال قتادة: حببه للناس حتى أنّ أرباب الملل يتولونه ويثنون عليه، وأمّا المسلمون واليهود والنصارى فظاهر، وأمّا كفار قريش وسائر العرب فلا فخر لهم إلا به وتحقيق القول أنّ الله تعالى أجاب دعاءه في قوله: {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} (الشعراء، 84)

وقال آخرون: هو قول المصلي منا كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. وقيل: أولاداً أبراراً على الكبر. الصفة التاسعة: قوله تعالى: {وإنه في الآخرة لمن الصالحين} في الجنة. فإن قيل: لم لم يقل تعالى في أعلى مقامات الصالحين؟ أجيب: بأنه تعالى حكى عنه أنه قال: {رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين} (الشعراء، 83)

فقال تعالى هنا: {وإنه في الآخرة لمن الصالحين} تنبيهاً على أنه تعالى أجاب دعاءه ثم إنّ كونه من الصالحين لا ينفي أن يكون في أعلى مقامات الصالحين، فإنّ الله تعالى بيّن ذلك في آية أخرى، وهي قوله تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء} (الأنعام، 83)

. ولما وصف الله تعالى إبراهيم عليه السلام بهذه الصفات العالية الشريفة أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم في أتباعه مشيراً إلى علو مرتبته بحرف التراخي بقوله تعالى:

{ثم أوحينا إليك} يا أشرف الرسل. وقيل: أتي بثم للتراخي، أي: لتراخي أيامه عن أيام إبراهيم عليهما أفضل الصلاة والسلام. {أن اتّبع ملة إيراهيم} في التوحيد والدعوة إليه بالرفق وإيراد الدلائل مرّة بعد أخرى والمجادلة مع كل أحد على حسب فهمه، ولا بعد في أن يفهم ذلك الهجرة أيضاً. وقيل: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم مأموراً بشريعة إبراهيم عليهما الصلاة والسلام إلا ما نسخ منها وما لم ينسخ صار شرعاً له وقوله تعالى: {حنيفاً} حال من النبيّ صلى الله عليه وسلم ويصح أن يكون حالاً من إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقوله تعالى: {وما كان من المشركين} كرّره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015