وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم «سأل جبريل؟ فقال: يعني ظالمي مكة ما من ظالم منهم إلا وهو يعرض عليه حجر فيسقط عليه من ساعة إلى ساعة» وقيل الضمير للقرى، أي: هي قريبة من ظالمي مكة يمرّون عليها في مسيرهم.

القصة السادسة: التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة قصة شعيب عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:

{وإلى مدين} ، أي: وأرسلنا إلى مدين وهم قبيلة؛ أبوهم مدين بن إبراهيم عليه السلام. وقيل: هو اسم مدينة بناها مدين المذكور، وعلى هذا فالتقدير: وأرسلنا إلى أهل مدين، فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه، {أخاهم} ، أي: في النسب لا في الدين و {شعيباً} عطف بيان وكأنّ قائلاً قال: فما قال لهم؟ فقيل: {قال} ما قال إخوته من الأنبياء في البداءة بأصل الدين. {يا قوم} مستعطفاً لهم مظهراً غاية الشفقة {اعبدوا الله} ، أي: وحدوه ولا تشركوا به شيئاً {ما لكم من إله غيره} فلقد اتفقت كما ترى كلمتهم، واتحدت إلى الله تعالى دعوتهم، وهذا وحده قطعي الدلالة على صدق كل منهم لما علم قطعاً من تباعد أعصارهم، وتنائي ديارهم، وإن بعضهم لم يلمّ بالعلوم، ولا عرف أخبار الناس إلا من الحيّ القيوم، ولما دعاهم إلى العدل فيما بينهم وبين الله تعالى دعاهم إلى العدل فيما بينهم وبين عبيده في أقبح ما كانوا اتخذوه بعد الشرك تديناً فقال: {ولا تنقصوا} بوجه من الوجوه {المكيال والميزان} ، أي: لا الكيل ولا آلته ولا الوزن ولا آلته، والكيل تعديل الشيء بالآلة في القلة والكثرة، والوزن تعديله في الخفة والثقل، فالكيل العدل في الكمية والوزن العدل في الكيفية، ثم علل ذلك بقوله: {إني أراكم بخير} ، أي: بثروة وسعة تغنيكم عن التطفيف. قال ابن عباس: كانوا موسرين في نعمة. وقال مجاهد: كانوا في خصب وسعة فحذرهم زوال تلك النعمة وغلاء السعر وحلول النقمة إن لم يؤمنوا ويتوبوا وهو قوله: {وإني أخاف عليكم} إن لم تؤمنوا {عذاب

يوم محيط} ، أي: يحيط بكم فيهلككم جميعاً وهو عذاب الاستئصال في الدنيا وعذاب النار في الآخرة، ومنه قوله تعالى: {وإنّ جهنم لمحيطة بالكافرين} () والمحيط من صفة اليوم في الظاهر، وفي المعنى من صفة العذاب وذلك مجاز مشهور، كقوله: {هذا يوم عصيب} (هود، 77) .

{

ويا قوم أوفوا} ، أي: أتموا اتماماً حسناً {المكيال والميزان} ، أي: الكيل والوزن وآلتهما. فإن قيل: النهي عن النقصان أمر بالإيفاء فما فائدة قوله تعالى {أوفوا} ؟ أجيب: بأنهم نهوا أوّلاً عن القبيح الذي كانوا عليه من نقص المكيال والميزان؛ لأنّ في التصريح بالقبيح نفياً عن المنهي وتغييراً له، ثم ورد الأمر بالإيفاء الذي هو حسن في العقول مصرحاً بلفظه لزيادة ترغيب فيه وبعث عليه وجيء به مقيداً. {بالقسط} ، أي: ليكون الإيفاء على وجه العدل والتسوية من غير زيادة ولا نقصان أمراً بما هو الواجب؛ لأنّ ما جاوز العدل فضل وأمر مندوب إليه غير المأمور به، وقد يكون محظوراً كما في الربا وقوله تعالى: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم} تعميم بعد تخصيص فإنه أعم من أن يكون في المقدار أو في غيره، فإنهم كانوا يأخذون من كل شيء يباع كما تفعل السماسرة وكانوا، يمسكون الناس، وكانوا ينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء، فنهوا عن ذلك، فظهر بهذا البيان أنّ هذه الأشياء غير مكررة بل في كل واحد منها فائدة زائدة. والحاصل: أنه تعالى نهى في الآية الأولى عن النقصان في المكيال والميزان، وفي الثانية: أمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015